البحوث الفنيّة والحوزويّة ؛ وأمّا إذا كان التّعارض مستقرّا غير بدئيّ ، كان الخبران أو الدّليلان حينئذ متعارضين جدّا ، فالكلام يقع في مقامين : الأوّل في التّعارض البدئيّ غير المستقرّ ؛ الثّاني : في التّعارض المستقرّ غير البدئيّ.
(التّعارض البدئيّ غير المستقرّ)
أمّا المقام الأوّل فالكلام فيه يقع في موقفين :
أحدهما : في ما إذا كان التّعارض بين الدّليلين.
ثانيهما : في ما إذا كان التّعارض بين اكثر منهما.
أمّا الموقف الأوّل ، فيبحث فيه عن جهات :
الجهة الاولى : قد ادّعى ابن أبي جمهور الأحسائي : إنّ العمل بالدّليلين مهما أمكن خير من ترك أحدهما وتعطيله ، واستدلّ عليه بالإجماع. (١)
وفيه : أنّ مراده قدسسره إن كان هو الجمع والتّوفيق العرفيّ بين الدّليلين عند تعارضهما ، كما هو الظّاهر بقرينة دعوى الإجماع والاتّفاق ، فهو ، وإلّا فتلك الضّابطة بهذه السّعة (مهما أمكن) لا دليل عليها البتّة.
وقد استدلّ الشّهيد الثّاني قدسسره على تلك الضّابطة ، بأنّ الأصل في الدّليلين هو الإعمال ، فيجب الجمع بينهما حتّى الإمكان ، بتقريب ، أنّه لو لا الجمع مهما أمكن ، للزم إمّا طرحهما معا ، أو طرح أحدهما ، وكلاهما باطل ؛ إذ الأوّل خلاف الأصل ؛ والثّاني خلاف العقل ، لكونه ترجيحا بلا مرجّح. (٢)
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٤ ، ص ١٩ نقلا من عوالي اللّئالي : ج ٤ ، ص ١٣٦.
(٢) راجع ، فرائد الاصول : ج ٤ ، ص ٢٠ نقلا من الشّهيد الثّاني قدسسره في تمهيد القواعد : ص ٢٨٣.