(التّعارض المستقرّ غير البدئيّ)
وأمّا المقام الثّاني (التّعارض المستقرّ غير البدئيّ) فالكلام فيه يقع في مواضع :
(الأصل في التّعارض)
الموضع الأوّل : هل الأصل في التّعارض ـ بناء على القول بطريقيّة الأمارات ـ هو التّساقط أو التّخيير؟ وجهان بل قولان ، والحقّ هو التّساقط ، سواء ثبتت حجّيّة الأمارات من ناحية بناء العقلاء وسيرتهم ـ كما هو الحقّ ـ أو من ناحية الأدلّة اللّفظيّة ، أمّا بناء العقلاء فوجه التّساقط هو أنّه لا بناء ولا سيرة منهم على العمل بها عند المعارضة ، وعليه ، فيصير كلّ من الظّاهرين المتعارضين ، محكوما بحكم المجمل أو مجملا بالعرض ، وإن وصل الدّور إلى الشّكّ ، فيقال : إنّ البناء والسّيرة دليل لبّي لا إطلاق له كي يؤخذ به ، والمتيقّن منه صورة عدم المعارضة.
وأمّا الأدلّة اللّفظيّة فوجه التّساقط هو ما ذكر في مبحث العلم الإجماليّ من أنّ المحتملات ، في شمول تلك الأدلّة للمتعارضين وعدم شمولها ، ثلاثة : أحدها : شمول تلك الأدلّة بإطلاقها لكلتا الحجّتين المتعارضتين ؛ ثانيها : شمولها لإحداهما دون الاخرى ؛ ثالثها : عدم شمولها لشيء منهما ؛ والأوّل : يرجع إلى التّعبّد بالمتناقضين أو المتضادّين ؛ والثّاني : ترجيح بلا مرجّح ، فيرجع إلى ترجّح بلا مرجّح ، فيتعيّن الاحتمال الثّالث.