على عدم وجوب القيام بالالتزام ، وكذا الأمارة الدّالّة على وجوب القيام بالمطابقة ، تدلّ على عدم وجوب الجلوس بالالتزام ، ومقتضى ذلك ، وجوب القيام وعدم وجوبه وكذا وجوب الجلوس وعدم وجوبه ، وهذه كما ترى ، ترجع إلى المناقضة.
وقد عرفت في ما تقدّم : استحالة اندراج التّعارض بالمناقضة تحت كبرى المزاحمة ، فإذا لا وجه لما يتوهّم من اندراج هذه الصّورة تحت التّزاحم ، بدعوى : أنّ قيام الأمارة على وجوب القيام ، موجب لحدوث المصلحة فيه ، وكذا قيام الأمارة على وجوب الجلوس ، موجب لحدوث المصلحة فيه ، فيتزاحم الحكمان والخطابان لقدرة المكلّف على ترك كليهما بعد عجزه عن الإتيان بهما ، فإمّا يتخيّر أو يتعيّن عليه أحدهما.
تنبيه :
ينبغي التّنبيه هنا على أمرين :
الأوّل : أنّ ما قلنا : من عدم كون التّعارض بالتّضاد ، داخلا في باب التّزاحم بلا فرق بين الصّور الثّلاثة المتقدّمة ، إنّما يتمّ فيما إذا كان قيام الامارة ـ بناء على القول بالسّببيّة ـ موجبا لحدوث المصلحة في فعل المكلّف ، وأمّا إذا كان موجبا لحدوث المصلحة في البناء والالتزام القلبيّ بما تؤدّي إليه الأمارة من الأحكام ، فربّما يتوهّم كون التّعارض ـ على هذا ـ داخلا في التّزاحم مطلقا ، بلا فرق بين ما تقدّم من الصّور ، بأن يقال : إنّ قيام الأمارة على وجوب القيام ـ مثلا ـ يوجب حدوث المصلحة في الالتزام به ، وقيام أمارة اخرى على وجوب الجلوس كذلك ، فيتزاحم الالتزامان الواجبان في مقام الامتثال.