رجوع التّعارض إلى التّزاحم رأسا وبالمرّة ، سواء كانت السّببيّة ، بمعنى : حدوث المصلحة بقيام الأمارة في فعل العبد (جارحيّا كان أو جانحيّا) أو بمعنى : حدوث المصلحة بقيام الأمارة في فعل المولى.
فتحصّل : أنّ مقتضى الأصل والقاعدة الأوليّة ليس إلّا التّساقط حتّى بناء على القول بالسّببيّة في الطّرق والأمارات. هذا تمام الكلام في الموضع الثّاني.
(مقتضى الرّوايات في المتعارضين)
الموضع الثّالث : هل مقتضى الرّوايات في الخبرين المتعارضين هو التّخيير أو التّوقّف أو الأخذ بذي التّرجيح والمزيّة ، احتمالات ثلاثة ، منشأها اختلاف الأخبار ؛ إذ هي على طوائف :
الاولى : ما يدلّ على التّخيير ، كمكاتبة محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى صاحب الزّمان عليهالسلام : «أدام الله عزّك ، يسألني بعض الفقهاء عن المصلّي إذا قام من التّشهد الأوّل إلى الرّكعة الثّالثة ، هل يجب عليه أن يكبّر ، فإنّ بعض أصحابنا قال : لا يجب عليه التّكبير ويجزيه أن يقول : بحول الله وقوّته أقوم وأقعد. الجواب : إنّ فيه حديثين ، أمّا أحدهما ، فإنّه إذا انتقل من حالة إلى حالة اخرى ، فعليه التّكبير ، وأمّا الآخر ، فإنّه روى أنّه إذا رفع رأسه من السّجدة الثّانية ، فكبّر ثمّ جلس ثمّ قام ، فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير وكذلك التّشهد الأوّل يجري هذا المجرى ، وبأيّهما أخذت من باب التّسليم كان صوابا». (١)
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ٤ ، كتاب الصّلاة ، الباب ١٣ من أبواب السّجود ، الحديث ٨ ، ص ٩٦٧.