وجوب التّخيير في كلّ زمان ، ولا يختصّ بالزّمان الأوّل ، بمعنى : أنّه لا يكون التّخيير واجبا بنحو صرف الوجود حتّى يسقط بمجرّد حصوله في الزّمان الأوّل وبأوّل الوجود ، بل يكون على وجه الطّبيعة السّارية.
ومن هنا ظهر ، بطلان التّفصيل بين ما إذا كان التّخيير اصوليّا ، فبدويّ ، وبين ما إذا كان فقهيّا ، فاستمراريّ ، كما ظهر ـ أيضا ـ بطلان القول بكون التّخيير في المسألة ، بدويّا مطلقا. (١)
(بيان المرجّحات المنصوصة وترتيبها)
الأمر الثّالث : أنّ التّرجيح لو قلنا به ، ينحصر في موردين ويعتبر فيهما التّرتيب :
أحدهما : موافقة الكتاب ؛ ثانيهما : مخالفة العامّة ، فيقدّم موافقة الكتاب على مخالفة العامّة ، كما هو مقتضى صحيحة الرّاوندي قدسسره بإسناده عن عبد الرّحمن بن أبي عبد الله قال : «قال الصّادق عليهالسلام : إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فأعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فأعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه». (٢)
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٤ ، ص ٤٣.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩ ، ص ٨٤ و ٨٥.