(التّعارض بين العامّين من وجه)
الأمر الخامس : قد سبق حكم الدّليلين المتعارضين بنحو التّباين أو الأعمّ المطلق ، وأمّا حكمهما بنحو الأعمّ والأخص من وجه ، فقد يقال : بتساقطهما في مادّة الاجتماع وهو مقتضى الأصل في التّعارض ويؤخذ بهما في مادّتي الافتراق ، لعدم تعارضهما فيهما ؛ وقد يقال : بالتّرجيح في مادّة الاجتماع من ناحيتين : أحدهما : من ناحية مرجّحات جهة الصّدور ؛ وثانيتهما : من ناحية مرجّحات المضمون دون مرجّحات أصل الصّدور ، لأنّ الرّجوع إلى الأخير والتّرجيح به إمّا يوجب طرح أحدهما رأسا حتّى في مادّة الافتراق ، وهذا ، كما ترى ، إذ طرح له بلا معارض أو يوجب التّبعيض في السّند بأن يقال : بصدوره في مادّة الافتراق وعدم صدوره في مادّة الاجتماع ، وهذا غير معقول في كلام واحد ، فهل يعقل أن يلتزم بصدوره ولا صدوره؟!
وأمّا التّفكيك في جهة الصّدور بأن يقال : بصدور بعض مدلول الكلام لبيان الحكم الواقعيّ وبعضه الآخر للتّقية ، فلا مانع منه ، وكذلك الحكم في المضمون بأن يقال : بتعلّق الإرادة الجدّية ببعض مضمون الكلام دون بعض لأجل التّخصيص أو التّقييد.
هذا ، ولكن لنا دعوى انصراف أخبار العلاج عن صورة كون الدّليلين متعارضين بنحو الأعمّ والأخصّ من وجه ، واختصاصها بصورة كونهما متعارضين