(ملاقي أحد أطراف الشّبهة المحصورة)
التّنبيه الخامس : قد اختلفت كلمات الأعلام في أنّه إذا لاقى شيء لأحد أطراف الشّبهة المحصورة ، فهل يحكم بنجاسته ، كنفس الطّرف الملاقى (بالفتح) أو يحكم بطهارته؟ والتّحقيق في ذلك يقتضي تقديم امور :
الأوّل : لا يخفى عليك ، أنّ الكلام في المقام إنّما هو في الملاقي لبعض الأطراف ؛ بداهة ، أنّ الملاقي لجميع الأطراف معلوم النّجاسة تفصيلا ، فيكون خارجا عن محلّ الكلام قطعا ، كما أنّه لو فرض ملاقاة شيئين لطرفي العلم الإجماليّ ، بأن يلاقي واحد منهما طرفا منه ، ويلاقي الآخر منهما طرفا آخر منه ، فهو ـ أيضا ـ خارج عن محلّ الكلام ، للعلم إجمالا بنجاسة أحد الملاقيين للطّرفين ، كالعلم الإجماليّ بنجاسة أحد الطّرفين ، ففي الفرض علمان إجماليّان : أحدهما : متعلّق بالطّرفين الملاقيين (بالفتح) ؛ وثانيهما : متعلّق بالملاقيين (بالكسر) لهما ، فيجب الاجتناب عن الجميع بلا كلام.
الأمر الثّاني : أنّ منجّزيّة العلم الإجماليّ ـ على ما ذكر في غير موضع ـ إنّما تتوقّف على عدم جريان الاصول المرخّصة في أطرافه ، أو على تساقطها بعد جريانها ، وهذا لا يكون إلّا إذا تعلّق العلم الإجماليّ بتكليف فعليّ بلا واسطة ، كالعلم بوجوب صلاة الجمعة أو الظّهر ، يوم الجمعة ونحوه من الشّبهات الحكميّة ، أو مع الواسطة ، كالعلم بموضوع تامّ للحكم ، نظير العلم بخمريّة أحد الإنائين ونحوه من الشّبهات الموضوعيّة ، فإنّ العلم بخمريّته علم بالحرمة الفعليّة ـ أيضا ـ فيجب الاحتياط والاجتناب عنه ، وهذا بخلاف العلم بموضوع ناقص غير تامّ فلا يكون العلم منجّزا لجريان أصالة عدم تحقّق الموضوع التّامّ ، نظير ما إذا علم بكون أحد الجسدين ميّت