الوجوب الغيريّ نظرا إلى كونه وجوبا تبعيّا ، يتوقّف على وجوب أمر آخر ، وواضح أنّه لا توقّف بين المركّب والأجزاء ، ولا غيريّة ولا اثنينيّة بينهما ، بل المركّب هو عين الأجزاء بالأسر ، لا تفاوت بينهما إلّا بالاعتبار ، حيث إنّ الأجزاء إذا لوحظت بشرط الانضمام (بشرط شيء) فهي المركّب والكلّ بعينه ، وإذا لوحظت لا بشرط الانضمام (لا بشرط) فهي الأجزاء.
ثانيهما : كون العلم بوجوب الأقلّ الجامع بين النّفسيّ والغيريّ موجبا لانحلال العلم بوجوب النّفسيّ المردّد تعلّقه بالأقلّ أو الأكثر ، فلولا الانحلال لا مجال لجريان البراءة عن وجوب الأكثر ، كما هو واضح.
هذا ، ولكن قد يقال : بعدم كون العلم بالوجوب الجامع موجبا لانحلال العلم بالوجوب النّفسيّ المردّد تعلّقه بالأقلّ أو الأكثر ؛ إذ يعتبر في الانحلال أن يكون المعلوم بالتّفصيل من سنخ المعلوم بالإجمال ، وهنا ليس كذلك ، إذ المعلوم بالإجمال هو الوجوب النّفسيّ ، والمعلوم بالتّفصيل هو الجامع بينه وبين الغيريّ ، فلا ينحلّ العلم الإجماليّ.
وفيه : أنّ مقتضى التّحقيق هو الانحلال ، بلا حاجة فيه إلى السّنخيّة بين المعلوم بالتّفصيل والمعلوم بالإجمال ؛ إذ المفروض ثبوت الوجوب للأقلّ نفسيّا كان أو غيريّا ، وأمّا وجوب الأكثر فيشكّ فيه بدويّا وهو مجرى البراءة.
وإن شئت ، فقل : إنّ الوجوب النّفسيّ إذا تعلّق بالمركّب ذي الأجزاء ، معناه :
اتّساع ذلك الوجوب بالنّسبة إلى الأجزاء ، فلو شكّ ـ مثلا ـ في أنّ الجزء العاشر ، هل يكون واجبا أم لا؟ مرجعه إلى أنّ الواجب هو الأجزاء التّسعة قطعا ، والشّكّ إنّما هو