التّخيير ، لا الأقلّ والأكثر ، فلا يقال : تعلّق التّكليف بالجنس متيقّن والشّكّ في تقيّده بفصل حتّى يصير من باب الأقلّ والأكثر ، بل يقال : تقيّد الجنس بالفصل متيقّن ، والشّكّ في تقييده بفصل معيّن ، أو فصل ما من الفصول ، فيصير من باب التّعيين والتّخيير.
وقد قسّم قدسسره دوران الأمر بين التّعيين والتّخيير إلى ثلاثة أقسام ، واختار قدسسره في جميعها التّعيين والاحتياط (١) ، ولا حاجة بنا إلى ذكر كلامه قدسسره بعد ما عرفت من وجود المقتضي لجريان البراءة العقليّة والنّقليّة في الأجزاء التّحليليّة بجميع أنواعها ، وعدم وجود المانع عن جريانها فيها.
)تنبيهات(
التّنبيه الأوّل : أنّه إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر في السّبب المحصّل للمأمور به ، فالحكم فيه هو الاحتياط ـ خلافا لما سبق من دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في نفس المأمور به ، فقد عرفت : أنّ الحكم فيه هو البراءة العقليّة والنّقليّة ـ وذلك نظير ما إذا علم باشتراط الصّلاة بالطّهارة وعلم بتعلّق الأمر بتحصيلها لها ، فشكّ في أنّها هل تحصل بالغسلتين والمسحتين مطلقا ، أو مع شرط أو كيفيّة خاصّة أو نحوهما؟
ولا ريب : أنّ في مثل هذا يجب الاحتياط بإتيان الأكثر في ناحية السّبب كي يحصل اليقين بالفراغ بعد اشتغال الذّمّة بالمأمور به يقينا ؛ إذ المفروض ، أنّ المأمور به
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ٢ ، ص ٢٩٧ إلى ٢٩٩.