(٣٦) التقسيم :
وهو استيفاء المتكلم أقسام الشيء بحيث لا يغادر شيئا ، كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) فاطر : ٣٢ ، فإنه لا يخلو العالم جميعا من هذه الأقسام الثلاثة : إما ظالم نفسه ، وإما سابق مبادر إلى الخيرات ، وإما مقتصد فيها ، وهذا من أوضح التقسيمات وأكملها.
* * *
(٣٧) التكرار ـ وانظر : القصة :
وهو إعادة اللفظ أو مرادفه لتقرير معنى ، خشية تناسى الأول لطول العهد به ، فإن أعيد لا لتقرير المعنى السابق لم يكن منه ، وفوائده :
١ ـ زيادة التنبيه على ما ينفى التهمة ليكمل تلقى الكلام بالقبول ، ومنه قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ. يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) غافر : ٣٨ ، ٣٩ ، وتكرار النداء لهذا.
٢ ـ إذا طال الكلام وخشى تناسى الأول أعيد ثانيا ، تطرية له وتجديدا لعهده ، كقوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) البقرة : ٨٩ ، فهذا تكرار للأول ، لأن «لما» لا تجيء بالفاء.
٣ ـ فى مقام التهويل والتعظيم ، كقوله تعالى : (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) القارعة : ١
٤ ـ فى مقام الوعيد والتهديد ، كقوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) التكاثر : ٦ ، ٧ ، ذكر «ثم» فى المكرر دلالة على أن الإنذار الثانى أبلغ من الأول ، وفيه تنبيهه على تكرر ذلك مرة بعد أخرى ، وإن تعاقبت عليه الأزمنة لا يتطرق إليه تغيير بل هو مستمر أبدا.
٥ ـ التعجب ، كقوله تعالى : (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) المدثر : ١٩ ، ٢٠ ، فأعيد تعجبا من تقديره ، وإصابته الغرض.