يحدونى إلى هذا ما روى من أن عثمان حين كان يعرض عليه المصحف غير (لم يتسن) إلى (يتسنه) ، إذن فالذى يعزى إلى الحجاج أنه فعله عزى إلى عثمان أنه فعله من قبله ، ولا يمنع أن يكون هذا كله ـ أعنى الأحرف الثمانية ـ كانت مقروء مصحف عثمان ، وأن الحجاج حسين نقط وشكل ميز الرسم وبينه ، يستوحى فى ذلك من مقروئه مقروء الناس الذين يقرءون بقراءة مصحف عثمان.
إذن فلا تغيير للحجاج فى كتاب الله ، ثم ما أهون مدلول ما نسبوه إلى الحجاج ، وهل كان بعد هذا غير تبيين رسم وتمييزه ، وما أظن الحجاج خرج فيها على مصحف عثمان بقراءة أخرى ، بل أكاد أؤكد أنه التزم فيها مقروء مصحف عثمان ، وأنه لم يفعل غير التمييز والتبيين ، بدليل تلك التى سقتها عن (لم يتسن) و (لم يتسنه) ، وأن الحجاج فيما فعل كان حريصا على أن يمكن للمصحف الإمام ، وأن ينفى عنه ما عساه أن يكون دخل عليه من قراءات.
* * *
(٤٥) الجملة :
١ ـ التفسيرية : وهذه لا يحسن الوقف على ما قبلها دونها ، لأن تفسير الشيء لا حق به ومتمم له ، وجار مجرى بعض أجزائه ، كالصلة من الموصول ، والصفة من الموصوف ، ومنه قوله تعالى : (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ) البقرة : ٤٩ ، فجملة (يُذَبِّحُونَ) وما بعده تفسير.
٢ ـ لبيان العلة والسبب ، قوله تعالى : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) يس : ٧٦ ، فهذه ليست من كقولهم وإلا لما حزن الرسول ، وإنما جىء بها لبيان السبب فى أنه لا يحزنه قولهم.
٣ ـ إبرازها فى صورة المستحيل على طريق المبالغة لتدل على بقية الجمل ، كقوله تعالى : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) الأعراف : ٤٠ ، والجمل لا يلج فى السم فهؤلاء لا يدخلون ، فهو فى المعنى متعلق بالحال ، فالمعنى : أنهم لا يدخلون