قال الضحاك : كأن يقول : وقت جريها : بسم الله ، فتجرى ، ووقت إرسائها : بسم الله ، فترسى.
والباء فى «بسم الله» متعلقة ب «اركبوا» ، والعامل فى «مجراها» ؛ إذا كان ظرفا ، معنى الظرف فى بسم الله ؛ ولا يعمل فيه «اركبوا» ؛ لأنه لم يرد : اركبوا فيها فى وقت الجري والرسو ؛ إنما المعنى : سموا اسم الله وقت الجري والرسو ؛ والتقدير : اركبوا الآن متبركين باسم الله فى وقت الجري والرسو.
وإذا رفعت «مجراها» بالابتداء وما قبله خبره ، كانت الجملة فى موضع الحال من الضمير فى «فيها» ؛ لأن فى الجملة عائدا يعود على الهاء ، فى «فيها» ، وهو الهاء ؛ لأنهما جميعا للسفينة ، ويكون العامل فى الجملة ، التي هى حال ، «ها» فى «فيها» ، ولا يجوز أن تتعلق الباء ب «اركبوا» ، مع كونها فى موضع الحال المقدرة : متبركين باسم الله ، مع كون مجراها ومرساها بسم الله.
والذي ذكره سهو ، لأن كل جار ومجرور وقع حالا إنما يتعلق بمحذوف ، كما أنهما كذلك إذا أوقعا صفة وخبرا ؛ قد يصح تعلق الباء فى «بسم الله» بنفس «اركبوا» ، كما ذكر ، لما يثبت من معنى الفعل ، ولا يحسن أن تكون هذه الجملة فى موضع الحال من المضمر فى «بسم الله» ، إن جعلته خبرا ل «مجراها» ، فإنما يعود على المبتدأ ، وهو «مجراها» ، وإن رفعت «مجراها» بالظرف لم يكن فيه ضمير ، والهاء فى «مجراها» إنما تعود على «الهاء» فى «فيها».
فإذا نصبت «مجراها» على الظرف عمل فيه «بسم الله» ، فكانت الجملة فى موضع الحال من المضمر فى «اركبوا» ، على تقدير قولك : خرج بثيابه ، وركب بسلاحه ؛ ومنه قوله : (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) ٥ : ٦١ ، فقولك : بثيابه ، وبسلاحه ، وبالكفر ، وبه ، كلها فى موضع الحال ؛ فكذلك «بسم الله مجراها» فى موضع الحال من المضمر فى «اركبوا» ، إذا نصبت «مجراها» على الظرف ؛ تقديره : اركبوا فيها متبركين باسم الله فى وقت الجري والرسو ؛ فيكون فى «بسم الله» ضمير يعود على المضمر فى «اركبوا» ، وهو ضمير المأمورين ، فتصح الحال منهم لأجل الضمير الذي يعود عليهم ، ولا يحسن على هذا التقدير أن تكون الجملة فى موضع نصب على الحال ، إنما هو ظرف ملغى ؛ وإذا كان ملغى لم يعتد بالضمير المتصل به ، وإنما يكون «مجراها» من جملة الحال ، لو رفعته بالابتداء.
ولو أنك جعلت الجملة فى موضع الحال من الهاء فى «فيها» ، على أن تنصب «مجراها» على الظرف ، لصار التقدير : اركبوا فيها متبركة باسم الله فى وقت الجري ، وليس المعنى على ذلك ؛ لأنه لا يدعى على السفينة بالتبرك ، إنما التبرك لركابها.