وقيل : هى فى موضع نصب ؛ أي : ما سنوا من سنة حسنة ، فعمل بها بعدهم.
«وكل شىء أحصيناه» : تقديره : وأحصيناه كل شىء ، أحصيناه ، وهو الاختيار ، ليعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل.
ويجوز الرفع على الابتداء ، و «أحصيناه» : الخبر.
١٣ ـ (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ)
«واضرب لهم مثلا أصحاب القرية» : أصح ما يعطى النظر والقياس فى «مثل» ، و «أصحاب» أنهما مفعولان ل «اضرب» ، لعلة قوله تعالى (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ) ١٠ : ٢٤ ، فلا اختلاف أن «مثلا» ابتداء ، و «كما» : خبره ، فهذا ابتداء وخبره بلا شك ؛ ثم قال تعالى فى موضع آخر (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ) ١٨ : ٤٥ ، فدخل «اضرب» ، على الابتداء ، والخبر ، فعمل فى الابتداء ونصبه ، فلا بد من أن يعمل فى الخبر ، أيضا ؛ لأن كل فعل دخل على الابتداء والخبر فعمل فى الابتداء فلا بد أن يعمل فى الخبر ؛ إذ هو هو ، فقد تعدى «اضرب» ، الذي هو لتمثيل الأمثال ، إلى مفعولين بلا اختلاف فى هذا ، فوجب أن يجرى فى غير هذا الموضع على ذلك ، فيكون قوله «واضرب لهم مثلا أصحاب» مفعولين ل «اضرب» ، كما كان فى دخوله على الابتداء ، والخبر.
وقد قيل : إن «أصحاب» بدل من «مثل» ؛ تقديره : واضرب لهم مثلا مثل أصحاب القرية ، «فالمثل» الثاني : بدل من الأول ، ثم حذف المضاف.
٢٧ ـ (بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)
يكون «ما» والفعل مصدرا ؛ أي : يغفر ربى لى.
ويجوز أن يكون بمعنى : «الذي» ، ويحذف «الهاء» من الصلة ؛ تقديره : بالذي غفره لى ربى.
ويجوز أن يكون «ما» استفهاما ، وفيه معنى التعجب من مغفرة الله له ؛ تقديره : بأى شىء غفر لى ربى : على التقليل لعلمه والتعظيم لمغفرة الله له ، فيبتدأ به فى هذا الوجه ؛ وفى كونه استفهاما بعد ، لثبات الألف فى «ما» ، وحقها أن تحذف فى الاستفهام إذا دخل عليها حرف جر ، نحو (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) ١٥ : ٥٤ ، ولا يحسن إثبات ألف «ما» فى الاستفهام إلا فى شعر ، فبعد لذلك.
٢٨ ـ (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ)
«وما كنا منزلين» : ما ، نافية ، عند أكثر العلماء.