ويقول البعض كالعلّامة المجلسي رحمهالله : نحن نؤمن إجمالاً بالميزان أمّا فيما يتعلق بجزئياته وكيفيته فلا نقول شيئاً من عندنا.
روي أنّ داود عليهالسلام سأل ربه أن يريه الميزان فأراه ، كل كفّة كما بين المشرق والمغرب ، فغشي عليه ، ثم أفاق فقال : «الهي! من الذي يقدر أن يملأ كفّته حسنات؟ فقال : يا داود إنّي إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة» (١).
وجاء في حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّه سئل عن الميزان ، فقال : الميزان العدل» (٢).
من هنا يطرح هذا السؤال : كيف يكون الجمع بين كل هذه الأحاديث؟ فقد ورد في بعضها : أنّ الميزان بمعنى الوجود المقدّس للأئمة المعصومين عليهمالسلام وفي حديث آخر بمعنى العدل وفي حديث داود : (كل كفة كما بين المشرق والمغرب) ، وفي الظاهر أنّ هذه الأحاديث الثلاثة متضادة ، ولكن إذا أخذنا هذه النكتة بنظر الاعتبار فسوف يزول هذا الاختلاف الصوري ، أنّ حقيقة الميزان هي العدل الإلهي وأنّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله والأئمّة الأطهار عليهمالسلام هم مظهر عدله تعالى ، ومن جهة اخرى أننا نعلم أنّه (بالعدل قامت السموات والأرض) (٣).
ومن هنا يتّضح سبب دهشة داود عليهالسلام عند مشاهدته لعظمة الميزان وذلك لأنّه رأى عظمة مقام العدل ، ومقامات محمّد وآله عليهمالسلام بحيث وجد أعماله لا شيء قبالها.
ومن الطريف أنّ هذا الميزان وبهذه العظمة يمتلئ بتمرة واحدة إذا كان فيها روح الإخلاص فتوجب رضا الله تبارك وتعالى.
ويعتقد بعض المحققين : أنّ الأئمّة المعصومين وأولياء الله بمنزلة كفّة الميزان الاولى ،
__________________
(١). تفسير روح البيان ، ج ٥ ، ص ٤٨٦ ذيل الآية ٤٧ الأنبياء ، ولقد ورد نفس المضمون مع شيء من الاختلاف في تفسير الكبير ذيل الآية مورد البحث ، وكذلك في تفسير روح المعاني الآية نفسها.
(٢). تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٥.
(٣). الفيض الكاشاني ، ورد هذا الحديث في تفسير الصافي ذيل الآية ٧ من سورة الرحمن.