جمع الآيات وتفسيرها
طريق الجنّة يمر عبر جهنّم :
الآية الاولى تخاطب الجميع ، وتقول : (وَانْ مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلى رَبِّكَ حَتماً مَّقضِيّاً) ثم تقول : (ثُمَّ نُنَجِّى الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثيّاً) من هنا يطرح هذا السؤال ، ما المقصود من ورود جهنّم؟
هناك آراء عديدة وتفاسير مختلفة حول هذه الآية فيعتقد البعض من المفسرين أنّ الورود خلاف الصدور وهو قصد الماء ثم يستعمل في غيره.
يقال وردت الماء أرده وروداً فأنا وارد والماء مورود ، وقد وردت الابل الماء ، قال تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ). (القصص / ٢٣)
ومفهوم هذا أنّ الناس إنّما يحضرون النّار ويشرفون عليها من غير أن يدخلوها ، ويكون هذا المعنى نفس تفسير (الصراط) أي الجسر الذي يمر على جهنّم فعلى الجميع اجتيازه وعبوره ، فتزل أقدام المجرمين ويتردون في النّار ، أمّا المؤمنون فيجتازونه بسرعة ويدخلون الجنّة.
وخلاصة الحديث ، يقول صاحب الميزان : «والحق أنّ الورود لا يدل على أزيد من الحضور والاشراف عن قصد» (١) ، أو بتعبير الفخر الرازي : (وقد ذكر وجهين لمعنى الورود) أحدهما أنّ الورود بمعنى القرب.
ويستفاد من مجموع الآيات القرآنية التي وردت فيها هذه الكلمة أنّها قد استعملت بمعنى الحضور والقرب واستعملت أيضاً بمعنى الدخول أي إنّها تحمل مفهوماً عاماً يشمل كلا المعنيين ، لذا قال تعالى مخاطباً المشركين : (انَّكُمْ وَمَا تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّم انْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ* لَو كَانَ هؤُلَاءِءَالِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ). (الأنبياء / ٩٨ ـ ٩٩)
وعلى هذا الأساس فلا مانع من أن نفسر (الورود) بمعنى القرب والاشراف وأنّه إشارة
__________________
(١). تفسير الميزان ، ج ١٤ ، ص ٩١.