ويوجد هذا الاحتمال أيضاً وهو أنّ هذه الآية ناظرة إلى وضع هذه الطائفة أثناء عبورها من الصراط (جسر جهنّم) فاذا أراد الله جردهم أعينهم بشكل كامل حتى لا يقدروا على المرور من الصراط مهما جهدوا أنفسهم في ذلك.
والظاهر أنّ عبارة تفسير (في ظلال القرآن) لها نفس هذا المعنى ونقل القرطبي هذا التفسير كأحد الأقوال في تفسير الآية ، وإلى ذلك ذهب (عبدالله بن سلام) (١) في تفسير هذه الآية حيث قال : «إذا كان يوم القيامة ومد الصراط ، نادى مناد ليقم محمد صلىاللهعليهوآله وامته ، فيقومون برّهم وفاجرهم يتبعونه بجواز الصراط ، فاذا صاروا عليه طمس الله أعين فجّارهم ، فاستبقوا الصراط فمن أين يبصرونه حتى يجاوزوه ، ثم يناد مناد ...» (٢).
ونحن نستبعد أن يكون هذا البيان من استنباط (عبدالله بن سلام) حيث إنّ ماورد في هذه الرواية يعد من أخبار الغيب ولا يطلع على الغيب ، إلّاالمعصومون عليهمالسلام.
ولايستبعد بأنّه قد نقل ذلك كرواية عن الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله.
* * *
توضيح
ماهي حقيقة الصراط؟
لقد أشرنا عدّة مرات إلى أنّ أهل الدنيا ليس لهم معلومات مفصلة عن الحقائق المتعلقة بيوم القيامة وعالم ما بعد الموت ، حيث هو عالم فوق هذا العالم ، ولكن هذا الأمر لا يمنع من المعرفة الإجمالية بهذا الموضوع.
ويستفاد من الروايات الإسلامية أنّ الصراط جسر على جهنّم في طريق الجنّة ويرده كل
__________________
(١) (عبدالله بن سلام) كان من علماء أهل الكتاب الذين اعتنقوا الدين الإسلامى ، وكان اسمه الأصل (الحصين) وبعد الإسلام غير الرسول صلىاللهعليهوآله اسمه إلى (عبدالله) ويعتقد بعض علماء الرجال بأنّه مجهول الحال ويعتقد آخرون بأنّ رواياته ضعيفة ، ولكن بما أنّ ابن داود ذكر في القسم الأول من كتابه في الرجال أنّه معتبر .. فقد اعتبروا هذا الشيء قرينة على حسن حاله.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ٨ ، ص ٥٤٩٤.