كانوا يعتقدون بأنّهم أولياء الله واحباؤه : (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَّعْدودَةً ...). (البقرة / ٨٠)
ومن البديهي أنّ علاقة الإيمان والعمل الصالح هي كعلاقة (الشجرة) و (الثمرة) فالشجرة الطيبة (من أشجار الفواكه) لا تخلو من الثمار الطيبة وكذا الحال بالنسبة للإيمان فهو لا ينفك عن العمل الصالح إلّاأن يكون ضعيفاً أو خالياً من الروح فيتأثر بالشهوات .. والأهواء النفسية ، لذا نقرأ حديثاً عن الإمام الصادق عليهالسلام عندما سئل عن حقيقة الإيمان ، فقال : «الإيمان أن يطاع الله فلا يعصى» (١) وبتعبير أوضح : «العمل الصالح هو تجسيم الإيمان القلبي» ولا يعني هذا الحديث أنّ العاصين أو مرتكبي الكبائر كفارٌ (٢) كما يعتقد الخوارج وإنّما المقصود أنّ الإيمان القوي لا ينفك أبداً عن العمل الصالح ، أمّا الإيمان الضعيف فيمكن أن ينفك عن هذا العمل الصالح ويقع صاحبه في ارتكاب الكبائر.
ومن الجدير بالذكر أنّ أغلب الآيات الكريمة تقدم الإيمان على العمل الصالح بالرغم من أنّ الإتيان بالواجبات وترك المحرمات هو أكثر صعوبة من الإيمان ومقدم عليه عرفاً ، ولعلّ السبب في تقديم الإيمان على العمل الصالح يعود إلى أنّ القرآن الكريم يريد أن يبيّن أنّ الإيمان هو أساس الأعمال الصالحة.
وأخيراً فإنّ تعبير الإيمان والعمل الصالح تعبيران واسعان إلى حد يشملان جميع مراحل الإيمان بالله وسائر الاصول الاعتقادية ، من جهة ، والإتيان بكافة الأعمال الفردية والاجتماعية والعبادية والسياسية من جهة اخرى ، وهذا هو المفتاح الأول من مفاتيح الجنّة.
* * *
٢ ـ التقوى
العامل الآخر من عوامل دخول الجنّة هو (التقوى) ولقد ذكرت الكثير من الآيات
__________________
(١). اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٣٣ ، ح ٣.
(٢). من الاصول المتفق عليها عند الخوارج هي أنّهم يكفرون مرتكبي الكبائر ؛ سفينة البحار ، مادة (خرج).