الإلهيّة في الجنّة من العظمة بحيث تعتبر أعمال المتقين لا شي قبالها ، فكأنّ الجنّة تعطى لهم مجاناً وبدون أي مقابل لضآلة أهميّة أعمال المتقين قياساً بهذه النعمة العظيمة.
وبتعبير آخر نقول : حقاً أنّ أعمال الإنسان وتقواه هي الأساس في استحقاق الجنّة ولكن عظمة الجنّة وما فيها من النعم كأنّها أعطيت للمتقين مجاناً.
من هنا يجب القول : إضافة إلى كون الجزاء الاخروي له بعد استحقاقي كذلك له بعد تفضّلي أيضاً ، أي أنّ الجنّة هي تفضّل من الله سبحانه وتعالى للمتقين.
٤ ـ ونقرأ رواية وردت في تفسير هذا المعنى عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله قال : «ما من أحد إلّا وله منزل في الجنّة ، ومنزل في النّار : فأمّا الكافر فيرث المؤمن منزله من النّار والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنّة» (١).
فيدل هذا الحديث على أنّ جميع الناس خلقوا أحراراً في اختيارهم فكما خلق عندهم الاستعداد لدخول الجنّة كذلك خلق عندهم الاستعداد أيضاً لدخول النّار وهذا يرتبط بكامل اختيارهم وإرادتهم (٢).
* * *
٣ ـ الاحسان
الاحسان عامل آخر من عوامل الدخول في موضع النعمة الإلهيّة ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المفهوم الواسع في آيات عديدة من جملتها الآية ٨٥ من سورة المائدة فبعد أن أشارت هذه الآية إلى وضع مجموعة من علماء أهل الكتاب الذين انقلبوا بعد سماعهم آيات القرآن الكريم وفاضت أعينهم بالدمع ممّا عرفوه من الحق ، قال تعالى بصددهم :
__________________
(١). تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٣١ ، ح ١٢١ ؛ تفسير مجمع البيان ، ذيل الآية ٤٣ ، من سورة الأعراف ، ولقد ورد في تفسير علي بن إبراهيم نفس المعنى بتعبير آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام ، ذيل الآية ١١ ، من سورة المؤمنون.
(٢). إنّ هذا التعبير «الارث» لم ينحصر في الآية السالفة الذكر بل قد ورد في آيات اخرى نذكر منها : المؤمنون ، ١٠ ، ١١ ؛ الأعراف ، ٤٣ ؛ الزخرف ، ٧٢ ؛ الشعراء ، ٨٥ ، فهو تعبير واسع.