٥ ـ نهي النفس عن الهوى
من الامور الاخرى التي هي من موجبات دخول الجنّة ، الخوف من الله تعالى ونهي النفس عن الهوى ، قال تعالى : (وَامَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِىَ الْمَأْوَى). (النازعات / ٤٠ ـ ٤١)
ممّا لا شك فيه أنّ هناك علاقة متبادلة بين (الخوف من الله) و (نهي النفس عن الهوى) فالاولى بمنزلة الشجرة والثانية ثمرها ، فعندما يتجذر الخوف من الله تعالى في أعماق روح الإنسان ، عندئذٍ تشن حرب من الداخل لمواجهة هوى النفس ، ومن المعلوم أنّ مصدر جميع المفاسد والذنوب على سطح الأرض هو (عبادة الهوى) ، فمن هنا يكون الخوف من الله مصدر كل الإصلاحات ، لذا ورد هذا الحديث النبوي : «ما تحت ظل السماء من إله يُعبد من دون الله أعظم عند الله من هوىً مُتَّبع» (١) في ذيل الآية الشريفة (أَرَايْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ). الفرقان / ٤٣)
والجدير بالذكر أنّ ما يقابل هاتين الصفتين (الخوف من الله ونهي النفس عن الهوى) صفتان أخريان وردتا في الآيات التي تسبق هذه الآية من نفس السورة وهما (الطغيان وايثار الحياة الدنيا على الآخرة) : (فَأَمَّا مَن طَغَى * وآثَر الحَيَاةَ الدُّنيَا* فَأِنَّ الْجَحِيمَ هِىَ الْمَأْوَى). (النازعات / ٣٧ ـ ٣٩)
والحقيقة أنّ هاتين الصفتين مصدر كل البلايا كما أنّ تلك الصفتين مصدر كل خير.
وعلى حد قول بعض المفسرين فالمصادر التي تأتي منها الذنوب السبعة المذكورة في قوله تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالانْعَامِ وَالحَرثِ). (آل عمران / ١٤)
تتلخص في هوى النفس ، وأنّ مصدر هوى النفس هو عدم المعرفة وعدم الخوف من الله تعالى (٢).
من هنا فما المقصود من «مقام ربّه»؟ هناك آراء مختلفة حول تفسير هذا التعبير فقيل : المراد مقامه من ربّه يوم القيامة حين يسأله عن أعماله.
__________________
(١). تفسير در المنثور ، ج ٥ ، ص ٧٢.
(٢). تفسير روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٢٧.