وقيل : إنّه إشارة إلى مقام علم الله ومراقبته لعباده.
وقيل : إنّه إشارة إلى مقام عدالته تعالى.
ولكن هذه التعابير ترجع في الحقيقة إلى الخوف من الأعمال والذنوب وذلك لأنّ الله (أرحم الراحمين) ولا يوجد في ذاته تعالى مايوجب الخوف منه ، فكما أنّ المجرمين يخافون رؤية القاضي العادل ويفزعون من سماع إسم المحكمة فكذلك الحال بالنسبة للمذنبين فانّهم يخافون من مقام العدل والحساب والعلم الإلهي ، وفي الحقيقة أنّ هناك جحيم في هذه الدنيا هي جحيم الشهوات ، والجحيم الاخروية إنّما هي جحيم مجازاة تنبع من هذه الجحيم.
ونختم هذا البحث بحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «من علم أنّ الله يراه ، ويسمع ما يقول ، ويعلم مايعملهُ من خير أو شر ، فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال ، فذلك الذي خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى» (١).
* * *
٦ ـ السابقون إلى الإيمان
من المعلوم أنّ ظهور أي دين جديد يقترن بمخالفة السنن والتقاليد الرائجة في ذلك المجتمع ، وخصوصاً الدين الإسلامي الذي ظهر في محيط خرافي ملي بأنواع المفاسد والسنن الباطلة الخاطئة.
فمن البديهي أن يكون السبق إلى الإيمان بمثل هذا الدين أمراً عسيراً للغاية ويحتاج إلى شهامة منقطعة النظير ، فالسابقون للإيمان يتعرضون عادة لأشد هجمات الجاهلين المتعصبين وبما أنّهم يشكلون الأقلية من المجتمع ، لذا فتكون أنفسهم وأموالهم في خطر دائماً ، إضافة إلى ذلك يعتبر هؤلاء القدوة الحسنة والانموذج الأمثل للآخرين وهم الوسيلة والعامل الرئيس في نشر تعاليم السماء في الأرض ، فمن هنا يكون للسابقين في الإيمان
__________________
(١). تفسير الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٩٧ ح ٤٨ ؛ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٧٠ باب الخوف والرجاء ح ١٠.