علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : بِمَ تفخران؟ قال العباس : لقد أوتيت من الفضل مالم يؤت أحد ، سقاية الحاج ، وقال شيبة : أوتيت عمارة المسجد الحرام. وقال علي عليهالسلام : وأنا أقول لكما لقد أوتيت على صغري ما لم تؤتيا. فقالا : وما أوتيت ياعلي؟ قال : ضربت خرطوميكمابالسيف حتى آمنتما بالله تبارك وتعالى ورسوله فنزل جبرائيل عليهالسلام بالآية (اجَعلتم سِقايةَ ...) (١).
وللمفسرين بحوث كثيرة في مسألة (كيف اعتبر القرآن درجة الذين هاجروا وجاهدوا أعلى من درجة غير المؤمنين؟ في حين أنّ (غير المؤمنين) ليس لهم أية درجة أصلاً).
يمكن القول في جواب قصير إنّ المراد بيان أنّ النسبة بينهما هي نسبة الأفضل إلى من لا فضل له وهذا كثير في مورد الصفات التفضيلة كقوله تعالى : (وَلَعَبدٌ مُّؤمِنٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكٍ). (البقرة / ٢٢١)
ويلاحظ أمثال هذا التعبير الكثير في القرآن والروايات وكلام العرب.
والخلاصة : أنّ نفس عمل سقاية الحجيج وعمارة المسجد الحرام عمل حسن من أي شخص كان أمّا إذا كان الفاعل كافراً أو مشركاً فلا قيمة له ، حيث إنّ الكفر والشرك يحبطان الأعمال الصالحة.
* * *
٨ ـ الصبر والتحمل عند الشدائد
مسألة الاستقامة هي أساس لكل الأعمال الصالحة وركن أساس في امتثال كل طاعة واجتناب كل معصية.
وعلى هذا الأساس فلا عجب أن تعدّ الاستقامة من العوامل المهمّة في دخول الجنّة كما ذكر في ذيل هذه الآية : (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً). (٢) (الدهر / ١٢)
وعند دخولهم الجنّة تستقبلهم الملائكة بالترحيب ، وهذا دليل على عظمة مقام
__________________
(١). شواهد التنزيل لابي القاسم الحسكاني ، ذيل الآية مورد البحث ص ٢٤٤ فما بعدها. ولقد ورد نفس المضمون بشيء من الاختلاف في كتب كثيرة لأهل السنّة راجع إحقاق الحق ، ج ٣ ، ص ١٢٢ و ١٢٧.
(٢). لقد ورد نفس هذا المعنى في سورة الرعد ، ٢١ ، ٢٤ ؛ الفرقان ، ٧٥.