١٣ ـ تزكية النفس
ممّا لا شك فيه أنّ الجنّة هي محل الصالحين والأخيار ، ولقد ذكر القرآن ذلك صراحة كجزاء لمثل هؤلاء الأشخاص ورد في قوله تعالى ، عن لسان سحرة فرعون بعد غلبة معجزة موسى وإيمان وتسليم السحرة بما جاء به والتمرد على فرعون فقالت : (ومَنْ يَأتِهِ مُؤمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَاولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى * جَنَّاتُ عَدنٍ تَجرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِديِنَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّى). (طه / ٧٥ ـ ٧٦)
«تزكى» : مشتقة من مادة (تزكية) وتشمل تزكية العقيدة وكذلك تزكية الأقوال والأفعال أيضاً.
وفي الحقيقة أنّ الجنّة محل مطهر من جميع القذارات والأدران ، ومن الطبيعي أنّ هذا المحل لا يصلح إلّاللأخيار الذين لم يلبسوا إيمانهم بظلم.
وقد قال بعض المفسرين : إنّ (الدرجات العلى) جعلها الله لمن كان له إيمان وعمل صالح وتزكية نفس.
وعلى هذا الأساس لا يتنافى أن تكون الدرجات الأقل للمؤمنين الذين خلطوا أعمالاً صالحة بأخرى سيئة ، أو حتى الذين ارتكبوا أحياناً المنكرات.
ولكن هؤلاء لن يستطيعوا دخول الجنّة التي هي محل القدس والطهارة ما لم يتطهروا من هذه الذنوب ، وهناك احتمال آخر وهو أنّ هذه الآيات لم تكن عن لسان سحرة فرعون وإنّما هي كلام الله المباشر ، ولكن ومهما كان تفسير الآية فإنّ المعنى واحد.
* * *
١٤ ـ الانفاق والاستغفار
الاستغفار من الذنوب والتوبة والانفاق في السراء والضراء وكظم الغيظ والعفو والصفح عن الناس وعدم الإصرار على الذنب مجموعة من الصفات تعرضت لها بعض الآيات من القرآن الكريم ووعدت في مقابل ذلك الجنّة ، قال تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغفِرَةٍ مِّنْ رَّبِّكُم