١٦ ـ التولي والتبرؤ
أي محبّة أولياء الله ومعاداة أعداء الله ، وبتعبير آخر التودد للصالحين والأخيار ، والتبغض للكفار والأشرار ، والقرآن الكريم اعتبر التولي والتبرؤ مفتاح الجنّة كما جاء ذلك في قوله تعالى : (لَّاتَجِدُ قُوماً يُؤمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَومِ الْآخِرِ يُوَآدُّونَ مَن حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواءَابَآءَهُم أَو أَبْنَاءَهُم أَو إِخْوانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم). (المجادلة / ٢٢)
ثم قال تعالى : أُولَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ برِوُحٍ مِّنهُ وَيُدْخِلُهُم جَنَّاتٍ تَجرِى مِن تَحتِهَا الْأَنْهَارُ). (المجادلة / ٢٢)
وكما أشار تعالى في ذيل الآية الكريمة إلى أجرهم المعنوي بقوله : «رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» ، وفي النهاية أعطاهم الله تاج الفخر والشرف ونعتهم بأنهم حزب الله : «أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ» ومن الواضح أن لا تجتمع محبتان في قلب واحد فإمّا محبة الله أو محبّة أعدائه ، وعلى هذا الأساس فإنّ أقوى الأواصر وأمتنها هي تلك المبنية على أساس محبّة الله ومحبّة أوليائه ، أمّا ما سواها فهي علاقات زائفة لا معنى لها .. (فيبيّن تعالى أنّ بين الإيمان وموادة أهل المحادة تضاد فلا يجتمعان لذلك).
إنّ هذه الموادة ليست هي علاقة فحسب بل هي برنامج عمل متكامل في كافة المجالات والأصعدة ، أي هي حرب ضد ظلم الظالمين وفساد المفسدين وجرم المجرمين وهؤلاء هم المخلصون في إيمانهم ، وقوله تعالى : (أُولَئِكَ كَتَب فِى قُلُوبِهِمُ الْإِيْمَانِ) يحمل معنى عميقاً ، فالكتابة جرت بيد القدرة الإلهيّة وعلى صفحة القلب وهي بمعنى ثبات ورسوخ حقيقة الإيمان في قلوبهم بحيث لا تتغير ولا تزول أبداً ، أجل فمثل هؤلاء الأفراد المؤيدين بروح القدس أيضاً هم الجديرون بحمل اسم (حزب الله) الذي هو مظهر من مظاهر التولي والتبرؤ.
* * *