جملة : (مِّمَّا يَشتَهُونَ) لها معنى واسع جدّاً حيث تشمل كل أنواع الأغذية بكافة أقسامها وأشكالها وكيفياتها.
وقال في موضع آخر بعد ذكر أنواع النعم وأنواع الفواكه في الجنّة : (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشتَهُونَ). (الواقِعَة / ٢١)
ولعل السبب في تقديم الفواكه في كلا الآيتين : هو أنّ الفواكه تعد الغذاء الأفضل والأحسن والألذ ، ويعتقد البعض أنّ الغذاء الطبيعي للإنسان هو الفواكه ، ويرونه موجوداً «آكلاً للفواكه» ولهذا السبب لا يستطيع الإنسان الانتفاع من اللحوم أبداً على وضعها الطبيعي ، بل لابدّ من إجراء تغييرات عليها ، ومزجها مع أشياء اخرى حتى يمكن الاستفادة منها.
في حين أنّ الفواكه مألوفة لديه على شكلها الطبيعي ومن دون إجراء أي تغييرات عليها. فضلاً عن أنّ أكل الفاكهة قبل اللحوم فيه لطف خاص.
* * *
٦ ـ الشراب الطهور
إنّ الأشربة في الجنّة كالفواكه وسائر الأغذية متنوعة ومنعشة للغاية ، ولقد عبّر القرآن الكريم عنها بتعابير مختلفة ، والغريب أنّ الكثير من هذه الأشربة تكون على شكل أنهار ، ولقد أشار القرآن الكريم إلى أربعة أقسام منها.
قال تعالى : (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا انْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِءَاسِنٍ وَانهَارٌ مِّنْ لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّر طَعْمُهُ وَانهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وانهَارٌ مِّن عَسَلٍ مُّصَفّىً). (محمد / ١٥)
هذه الأشربة الأربعة والتي تجري في أنهار الجنّة الأربعة (لا يجري كل واحد منها في نهر خاص بل في كل الأنهار) تبين مجموعة من أنواع الأشربة المختلفة ، فالماء لرفع العطش ، واللبن للتغذية ، والعسل للذة والقوة ، والخمر للذّة والنشاط وهو شراب طهور.
إنّ هذه الأشربة مخلوقة بشكل لا يعتريها الفساد وإن طال الزمن ولا يتغير طعمها أبداً ،