ونختم هذا الموضوع بما نقله أحد المفسرين : «لو بسط ثوب من أثواب الجنّة في الدنيا لاندهش أهلها جميعاً» (١).
* * *
١٠ ـ حلي الجنّة
أشرنا في البحث السابق إلى ألبسة أهل الجنّة ، وسنتطرق في هذا البحث إلى حليهم أيضاً. من المعلوم أنّ للحلي والزينة المناسبة أثر نفسي كبير على روح الإنسان ، فتبعث فيها الارتياح والانبساط والبهجة ، وإذا لم تخرج عن حد الاعتدال فلا باس في ذلك وهو عمل مرضي ، لذا نجد أنّ الكثير من الآيات القرآنية والروايات أكدت على الزينة والتجمل والتطيب حتى أثناء العبادة ومن جملتها : ارتداء الألبسة الطاهرة ، اختيار الألوان المناسبة ، تمشيط الشعر ، استعمال العطور والطيب ، والتختم باليمين ونحو ذلك.
ويستفاد من آيات عديدة من القرآن أنّ أهل الجنّة يتجملون ويتزينون بأفخر أنواع الحلي ، وبهذا فهم يتمتعون بلذة نفسية كافية ، ولقد ورد في ثلاث آيات من القرآن الكريم قوله تعالى : (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ اسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ). (٢)
«أساور» : جمع (اسْوِرَة) على وزن (تجربة) وهي أيضاً جمع (سُوار) على وزن (غبار) و (كتاب) ومشتقة من الكلمة الفارسية (دستوار).
ولقد صرحت آيتان من الآيات الثلاث بالإضافة إلى (الذهب) بـ (اللؤلؤ) أيضاً ، ويقول بعض المفسرين أنّها إشارة إلى أساور الجواهر واللؤلؤ ، ولو أخذنا بنظر الاعتبار أنّ (اللؤلؤ) عطف على محل (من أساور) وهو منصوب فيكون بمنزل المفعول به لـ «يحلون» فيكون معنى الآية هكذا : (يُحَلَّونَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُولُؤاً وَلِبَاسُهُم فِيهَا حَرِيرٌ). (الحج / ٢٣)
ومن الممكن أن تكون زينة اللؤلؤ مشتقة من الأساور ، وكذلك يمكن أن تكون جزءاً منها.
__________________
(١). روح المعاني ، ج ١٥ ، ص ٢٤٩.
(٢). الكهف ، ١٣ والحج ، ٢٣ وفاطر ، ٣٣.