وتقتضي فصاحة القرآن التطرق حتى لمثل هذه الجزئيات ، (تأمل).
وأخيراً ، ولو أنّ هذه الآيات الأخيرة لم تبيّن أوصاف المضيّفين ، ولكن يمكن أن تفسرها الآيات السابقة وتدلل عليهم وعلى مواصفاتهم.
* * *
١٣ ـ المضيغون
يلاحظ في مجالس الضيافة ولأجل تقدير واحترام الضيوف على أحسن وجه حضور شخصية أو مجموعة من الشخصيات المحترمة ، وهؤلاء يقومون بواجب الضيافة كدعوتهم الضيوف إلى تناول الطعام أو المراجعات أو سائر لوازم الضيافة ، وغالباً مايكون هؤلاء من غير الخدم.
وهذا يعتبر احتراماً مضاعفاً ، وكذلك يمنح الضيف أهميّة وعظمة خاصة ، بالإضافة إلى ذلك يزيد من احترامه وتقديره.
ويستفاد من الآيات الكريمة أنّ هذا المعنى عهد به إلى الملائكة وخزنة الجنّة. فإنّهم يدعون أهل الجنّة للانتفاع من نعمها.
ورد في قرآن الكريم (ومن دون أن يذكر القائل) : (كُلُوا وَاشرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ). (الطور / ١٩)
ولقد ورد عين هذا التعبير في الآية ٤٣ من سورة المرسلات.
فهل أنّ المتكلم هو الله تبارك وتعالى؟ وهل ورد هذا الكلام كاحترام وأكرام وعناية ولطف خاص من قبل الله تبارك وتعالى؟ أم أنّ هذا الكلام صادر عن الخزنة والملائكة ...؟
على أيّة حال ، فإنّ جميع نعم الجنّة هنيئة ، وما قول «هنيئاً ...» إلّاعناية اخرى تضاف إلى جميع النعم.
ولقد ورد شبيه هذا التعبير بشيء من الاختلاف في قوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا اسْلَفْتُمْ في الْايَّامِ الْخَالِيَةِ) (١). (الحاقة / ٢٤)
__________________
(١). في اعراب «هنيئاً» أقوال : يرى البعض أنّها وصف بمحل «المفعول المطلق» ويكون التقدير (كلو أكلاً ـ