وبناءً على ذلك ومع الأخذ بنظر الاعتبار «الجنات» بكل نعمها ومواهبها يكون مفهوم «النزل» في ذلك المضيف الكبير هو : وجود استقبالات أعلى وأهم ولعلها تكون إشارة إلى تلك النعم المعنوية والجذبات الروحانية والمظاهر القدسية ، ولهذا السبب ورد في قوله تعالى بعد جملة : (نُزُلاً مِّن عِندِ اللهِ) قوله تعالى : (وَمَا عِندَ اللهِ خَيرٌ لِّلَابرَارِ). (آل عمران / ١٩٨)
حتى وإن كان (النزل) بمعنى مايعد للضيف من الكرامة والبر والطعام والشراب (كما قال ذلك بعض المفسرين). فإنّه لا يمكن انكار أنّ ضيافة الشخص الكريم لاتنحصر بإطعام الضيوف فقط ، بل تشمل إضافة إلى ذلك تقديم أنواع الهدايا والعطايا التي تهدى إليهم ، وما الطعام والشراب إلّاشيئاً يسيراً قبال هذه الامور.
وبناءً على هذا ومهما كان معنى (النزل) ، فانه إشارة لطيفة إلى تلك المواهب المعنوية والروحانية للجنّة.
* * *
١٥ ـ النعم التي لا تتصور
ممّا لا شك فيه أنّ النعم المادية في الجنّة لا تنحصر بما قيل سلفاً ، فطبيعة هذا العالم المحدود تحول دون أن يكون لدينا تصور متكامل عن النعم المادية والروحانية في العالم الآخر.
ومن جهة اخرى ، أنّ حب التنوع عند الإنسان يدفعه لطلب المزيد من المواهب والنعم المختلفة ، ولذا عني القرآن الكريم بهذه المسألة عناية خاصة وأعلن صراحة : (وَفِيهَا ماتَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) (الزخرف / ٧١)
وهذا التعبير هو أكثر التعابير شمولية وجمعاً فيما يتعلق بالمواهب والنعم الإلهيّة في الجنّة.
يقول المرحوم (الطبرسي) في مجمع البيان : «لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يصفوا ما