٣ ـ اللذّات الروحية
نظراً لوجود أبعاد روحية وجسمية في «المعاد» ونظراً لكون الروح أسمى وأشرف من الجسم بمرّات وَمرّات ، فينبغي إذن عدم الشك في أنّ النعم الروحية والمعنوية للجنّة أفضل وأسمى وأعظم بمرّات من النعم المادّية والجسمية!
ولكن لمّا كان الوصف لا يتسع عادة للتعبير عن هذه النعم ، وهي امور تعتمد على المشاهدة (القلبية) لا على القول والسماع فلهذا غالباً ما نعثر في الآيات القرآنية على إشارات مبهمة لهذه النعم التي يتمتّع بها أصحاب الجنّة باستثناء الموارد التي يمكن شرحها وبيانها حيث تولى القرآن الكريم شرح وتبيان عدد منها.
وبعبارة أخرى : فإنّ لذّة إدراك معرفة الله وما فيها من نفحات جلالية وجمالية وأنوار ألطافه الخفيّة ، والسكر لدى ارتشاف كأس العشق لذاته المقدّسة تعادل بل وتفوق اللحظة الواحدة منها كل النعم المادية في هذا العالم.
وقد نتصور أحيانا نماذج بسيطة لهذه النعم في الدنيا تتجلّى لنا عندما نقف بين يدي الله سبحانه وتعالى وننقطع للعبادة والخلوة ، فنمد الأيدي بالدعاء والمناجاة ونغرق بالاستغاثة ونداء يا قاضي الحاجات ، فننسى الدنيا وما فيها ، وفي لحظات قصيرة نحس وكأننا في حالة ذوبان في جمال الله الذي لا مثيل ولا نظير له ، وبالخصوص لو كنّا في هذه اللحظات في بعض الأماكن المقدّسة ، في بيت الله الحرام أو عرفات والمشعر وغيرها من الأماكن والعتبات المقدّسة المخصصة للعبادة ، فيشعر الإنسان بلذة لا يمكن لأي قلم أو بيان أن يصفها ويتصورها.
تصّور لو أنّ هذه الحالات تحصل وبشكل أكثر قوّة بآلاف المرات وتستمر لساعات