إنّ نفحة لقاء المحبوب ورؤية لطف الحبيب والسلام الذي يعني رفع الحجب ، يحوي من اللذّة والأشواق والبهجة بحيث لو بقي العشاق بعيدين عن فيضه المعنوي لما صبروا ، على تحمل ذلك ، وقد روى بعض مفسري السُنّة حديثاً قيّماً عن أمير المؤمنين عليهالسلام يقول فيه : لو حجبت عنه ساعة لمتّ (١).
وعلى أيّة حال ، فإنّ أسمى أماني أهل الجنّة وأشرف مفخرة لهم وأحبّ ساعة إليهم ، هو أنّ يسلّم عليهم الرّب الرحمن الرحيم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك آيات عديدة اخرى في القرآن الكريم تتضمن اهداء التحية لأهل الجنّة من غير أن تحدد مصدر التحية والسلام كما في «الآية ٤٦ من سورة الحجر ـ والآية ٧٥ من سورة الفرقان ـ والآية ٣٤ من سورة ق». فربّما يكون مصدر التحية الملائكة ، ويحتمل في بعضها أن يكون السلام من أهل الجنّة على بعضهم ، أو ربّما يكون من الله وهذا أفضلها وأكملها.
* * *
٢ ـ اجواء الامن والسلام
إنّ أكثر ما يعكر صفو روح الإنسان في الدنيا هو عدم الشعور بالأمان في شتى مناحي الحياة ، وعدم الشعور بحلاوة الدنيا يعود في الغالب إلى عدم ثقة الإنسان بما بين يديه ، فهو غير واثق من المستقبل ولا هو واثق من أبناء جنسه ، لا سيما إذا كانت لدية نعمة أكثر فهو يجد نفسه عرضة لأمواج متلاطمة من الحقد والحسد والكراهية بما يجعل الدنيا مظلمة في عينيه.
واحدى النعم الروحية المتوفّرة في الجنّة هي الشعور بالأمن والأمان في جميع المجالات ، فلا خوف من اندلاع الحرب ولا وجل من المخاصمات ، ولا الحقد له وجود ولا الحسد ، والعشق والوفاء يملأ الأرجاء ، وكذلك المحّبة والاخوّة تحيط بالجميع.
__________________
(١). تفسير روح البيان ، ج ٧ ، ص ٤١٦.