الإنسان المسرور ، وهي مشتقة من كلمة «فكاهة» ومعناها المزاح ، وتعني كلمة «فاكه» في اللغة العربية الإنسان الممازح المرح الذي يجيد الأحاديث الطريفة.
وبما أننا نجهل طبيعة الأشياء التي يتسلى بها أهل الجنّة لأننا نقيس كل شيء في هذا العالم بمعيارنا المحدد الصغير ، فمن البديهي أنّ النعم التي يشغلون بها هناك لا يمكننا حتّى تصّورها في هذا العالم.
وعلى أيّة حال فإنّ الامور التي تستهويهم وتشغلهم هناك تكون سبباً لنسيان آلام هذا العالم وهول المحشر أو فقدان بعض الأحبّة ، ولا شك أنّ مواضيع التسلية السبعة أو العشرة التي ذكرها بعض المفسرين ، إنّما هي موضوعة وفقاً للمعايير والتصورات الدنيوية للتسلية ، وإلّا فالاوضاع في ذلك العالم تختلف عّما في هذا العالم (١).
* * *
٦ ـ الانشراح النفسي
قد يُدعى الإنسان أحياناً إلى أجمل الحدائق ، وتوفّر له كافة مستلزمات الراحة ، إلّاأنّ روحه منقبضة فلا يتلذذ بأي منها ، فالإنسان يشعر بلذة النعم الإلهيّة فيما إذا كان منشرح النفس.
يُستفاد من مجمل الآيات الواردة في هذا الصدد أنّ الفرح والانشراح يظهر على وجوه أهل الجنّة بكل وضوح ، وقد استخدم القرآن الكريم عبارات جذّابة في هذا الصدد ، فإليك مثلا قوله : (ادخُلُوا الْجَنَّةَ انْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ). (الزخرف / ٧٠)
فكلمة «تُحبرون» : مأخوذه من المصدر (حبر) على وزن (فكر) ، وتعني في الأصل الآثار الجميلة حسب ما وردت في كتاب (مقاييس اللغة) ، ولذلك يطلق على الأشياء المزّينة اسم «مُحَبَّر» على وزن مُشّجر وسمّي الحِبرُ حِبراً لأنّه يترك وراءه أثراً جميلاً ، ويُقال للعلماء «أحبار» لأنّهم يمتلكون آثاراً قيّمة ، وهذه الكلمة تعني هنا البهجة والانشراح الذي يظهر أثره على الوجوه (٢).
__________________
(١). ورد نفس هذا المضمون في سورة الطور ، الآية ١٨.
(٢). ورد نفس المعنى في سورة الروم ، الآية ١٥.