باثنين وسبعين مرّة (١) ، وتوجد هناك آيات اخرى في القرآن الكريم تتّسق بشكل أو آخر مع الآيات السابقة الذكر (٢).
* * *
١٠ ـ النعم التي لا يدركها التصور
تُلحظ في القرآن الكريم تعابير تذهب إلى أكثر بكثير ممّا ذكرناه لحد الآن ، فهي تتحدث عن قضيّة تخرج عن إطار التفكير لدى جميع أبناء البشر ولا تسعها دائرة التصور والخيال والوهم ، وهي أبعد ممّا قرأنا وكتبنا.
إنّ استدلال الآيات القرآنية بمثل هذا الأمر يعكس مدى عظمة النعم الإلهيّة والتي يعجز البيان عن وصفها ، وهي من الآيات العجيبة في القرآن ، مثل : (فَلَا تَعلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُمْ مِّن قُرَّةِ اعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). (السجدة / ١٧)
وجاء في حديث مشهور عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «إنّ الله يقول أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» (٣).
تجدر الإشارة إلى أنّ هذه البشارة العظمى قد وردت في القرآن الكريم في أعقاب سرده لصفات المؤمنين الذين يقومون الليل لمناجاة ربّهم (صلاة الليل) والذين ينفقون من أموالهم ؛ وهذه دلالة على أنّ أفضل الطاعات والعبادات والأعمال الصالحة هي «صلاة الليل» ، «والانفاق» ، والغريب في الأمر أنّ صلاة الليل تعني عبادة يؤدّيها المؤمن في الخفاء ، وكذلك الانفاق الخالص فإنّه غالباً ما يجري في الخفاء كذلك ، ويكون الجزاء على ذلك من قبل الله تعالى في الخفاء أيضاً ، فجعله مستوراً ولم يُطلع عليه أحداً.
__________________
(١). بحار الأنوار ، ج ٨ ، ص ١٢٦ ، ح ٢٧.
(٢). من جملة ذلك : سورة يس ، الآية ٥٧ ؛ سورة فصلت ، الآية ٣١ والتي تشتمل على النعم المختلفة ويتبيّن ذلك من خلال تعابيرها : «ولهم ما يدّعون» «ولكم فيها ما تدّعون».
(٣). نقل هذا الحديث عدد كبير من المفسرين منهم الطبرسي في مجمع البيان ؛ والآلوسي في روح المعاني ؛ والقرطبي في تفسيره ؛ والعلّامة الطباطبائي في الميزان ، وذكره كل من البخاري ومسلم في كتابيهما.