وجملة «كأنّي الآن اسمع زفير النّار يدور في مسامعي» دليل على وجود جهنّم حالياً وأنّه يراها بعينه عن طريق الإيمان الممتزج بالشهود.
ويُستفاد من مجموع الآيات المذكورة أنّ الجنّة والنّار مخلوقتان وموجودتان حالياً ولو عُرِض هناك شكّ في دلالة بعض هذه الآيات لا يمكن ـ على أقلّ تقدير ـ التشكيك في دلالة المجموع ، وخاصة الآيات التي تدور فيها كلمة «أعدّت».
* * *
توضيحات
١ ـ آراء العلماء المسلمين في خلق الجنّة والنّار
يعتقد أغلب العلماء المسلمين ـ كما أشرنا سابقاً ـ بأنّ الجنّة والنّار موجودتان في الوقت الحاضر واستدلوا ببعض الآيات المذكورة مسبقاً لتدعيم معتقدهم هذا ، لكن بعض علماء الكلام من أمثال أبي هاشم وعبد الجبار وهما من قدماء المتكلمين يعتقدون بأنّ الجنّة والنّار ليس لهما وجود حالياً وأنّهما سيخلقان فيما بعد ، وتأكيداً لرأيهم هذا استدلّوا بالآية الشريفة : (كُلُّ شَىءٍ هَالِكٌ إلَّاوَجْهَهُ). (القصص / ٨٨)
فلو كانتا موجودتين حالياً فانّهما ستتعرضان للفناء في نهاية هذا العالم وعندئذ تتنافى هذه الآية مع الآية القرآنية القائلة : (اكُلُهَا دَائِمٌ). (الرعد / ٣٥)
يقول العلّامة الحلي رحمهالله ردّاً على هذا الاستدلال : «إنّ الهلاك والفناء اللذين وردا في الآية يُراد منهما الخروج عن قابلية الاستفادة ، ومن البديهي أنّ الناس وجميع المكلفين لو كُتب عليهم الفناء لما عادت للجنّة أيّة فائدة».
والجواب الآخر عن هذا السؤال هو أنّ الجنّة والنّار غير موجودتين في ظاهر هذا العالم بل في باطنه ، والهلاك والفناء يصدقان على ظاهر هذا العالم. (سيأتي عمّا قريب مزيد من التفاصيل بهذا الصدد).