المتعلقة بالجنّة والنّار والتي أوردها في بحار الأنوار : «إعلم أنّ الإيمان بالجنّة والنّار على ماوردتا في الآيات والأخبار من غير تأويل من ضروريات الدين ، ومنكرهما أو مؤولهما بما أوّلت به الفلاسفة خارج من الدين ، وأمّا كونهما مخلوقتان الآن فقد ذهب إليه جمهور المسلمين إلّاشرذمة من المعتزلة والآيات والأخبار الواردة دافعة لقولهم مزيّفة لمذهبهم ، والظاهر أنّه لم يذهب إلى هذا القول أحد من الإمامية إلّاما ينسب إلى السيد الرضي» (١).
٣ ـ جواب على اعتراضين
لعل منكري الوجود الحالي للجنّة والنّار يتمسكون باعتراضين أحدهما عقلي والآخر نقلي ، أمّا الاعتراض العقلي فهو أن إيجادهما قبل القيامة لغو وعبث ، لأنّه مامن أحد يدخل الجنّة أو النّار قبل حساب يوم القيامة ويبدو هذا شبيهاً لمن يبني قبل الف عام داراً لمن يأتي بعد ألف عام ، أليس هذا عبث؟!
والجواب على هذا الاعتراض واضح وهو أنّ هذه القضية ـ كما سبق منّا القول فيها ـ تترك تأثيراً تربوياً على الناس ، فالله سبحانه وتعالى يريد أن يُفهم الناس أنّ الثواب العظيم غير مؤجّل ولا العقاب الأليم ، بل كلاهما حاضر ، ويبدو هذا الفعل شبيهاً بتهيئة مجموعة من الجوائز في بداية العام الدراسي للطلبة الذين يحوزون في نهاية العام على أعلى الدرجات بل وقد نضعها معروضة أمام أنظارهم ونقول لهم هذه المكافأة لمن يبذل أقصى الجهد في الدراسة ، أو يبدو شبيهاً بإعداد السجن والمشنقة مقدّماً للقتلة والجُناة.
ومن البديهي أنّ مثل هذا العمل لا يُعَدُّ عبثاً ، بل له آثار عميقة أيضاً في الجانب التربوي ، ولكن بما أنّ الجنّة والنّار محجوبتان عن أهل الدنيا بسبب الحجب الموجودة حافظت الآيات القرآنية والأخبار النبوية في هذا الصدد على ذلك التأثير.
والاعتراض الآخر هو علمنا بأنّ (كُلُّ شَىءٍ هَالِكٌ الَّا وَجْهَهُ) في نهاية هذا العالم ، ويمكن تقديم عدّة إجابات على هذا الاعتراض.
الأول : إنّ المقصود من «كل شي» هو الدنيا بأجمعها وما يتعلق بها ، أمّا معنى «الهلاك» فلا
__________________
(١). بحار الأنوار ، ج ٨ ، ص ٢٠٥ ، ذيل ح ٦٢.