يصدق على الجنّة والنّار فهما من الأشياء الباقية والمستثناة من الهلاك فوق العالم المادي أو في باطنه ، وهما خارج نطاق الدنيا الفانية.
الثاني : إنّ «الوجه» المستثنى يشمل جميع الامور التي تنتسب إليه بقوّة بحيث تُعتبر داخلة ضمن مفهوم «الوجه» وبما أنّ الجنّة والنّار هما مظهر رحمته وغضبه وموضع الثواب والعقاب فهما داخلتان ضمن الاستثناء طبعاً.
الثالث : إنّ «الهلاك» يعني انعدام المستفيدين من الشيء كالدار العامرة التي يموت أهلها وتبقى بلا وارث ، فهذه الحالة تسمّى أحياناً بالهلاك.
٤ ـ أين الجنّة؟
يُطرح هذا السؤال جدّياً مع أخذ قضيّتين بنظر الاعتبار :
الاولى : وهي أنّ الجنّة موجودة الآن ، (طبقاً للشواهد المتأتّية من الآيات والروايات المذكورة سابقاً).
والثانية : إن عرض الجنّة كعرض السماء والأرض (استناداً إلى صريح الآيات الواردة في البحث السابق).
ولعل البعض يقول : أين يقع بالدقّة مثل هذا الوجود الذي هو كعرض السماء والأرض؟ وكيف يمكن وجود مثل هذا الشيء دون أن تطاله حواسّنا؟
وقد أجاب جماعة عن مثل هذا السؤال بقولهم : تفيد الآيات القرآنية أنّ الجنّة موجودة في السماء ، فكما أشرنا سابقاً ، إنّ عروج النبي صلىاللهعليهوآله كان إلى السماء حيث أخبرت الآية الشريفة : (عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَى) (وهذه النقطة هي أسمى وأرفع نقطة في السماء). (١) (النجم / ١٥)
رغم أنّ البعض اعتبرها الجنّة البرزخية التي تصعد إليها أرواح الشهداء أو أنّها جنّة آدم،
__________________
(١). صرّح بذلك المرحوم الطبرسي في تفسير مجمع البيان ؛ والفخر الرازي في التفسير الكبير ؛ والعلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان ؛ والبرسوئي في تفسير روح البيان ؛ في ذيل الآية ٢٢ من سورة الذاريات أو ذيل الآية ١٥ من سورة النجم أو في كليهما.