٨ ـ أسئلة وأجوبة حول الجنّة
١ ـ هل أنّ التكرار يولد الملّل؟
يعترض البعض قائلاً : إنّ ما يُستشف من الآيات والروايات يشير إلى أنّ النعم في الجنّة ونمط الحياة فيها يسير برتابة وعلى وتيرة واحدة ، ونحن نعلم أنّ هذا الوضع ـ ولاسيما إذا استمر لمدّة طويلة ـ يثير الملل ويطفيء شعلة الشوق والحماسة والنشاط ، لأنّ تكرار أجمل المشاهد وأحلى المناظر وأطيب الأطعمة يضفي عليها مسحة طبيعية ويجعل منها وضعاً عادياً ، حتى أنّ الإنسان قد يلجأ أحياناً إلى أساليب حياتية أبسط أو أكثر مشقّة من أجل كسر طوق الرتابة والملل وممارسة التجديد والتنوع ، وللاجابة عن هذا السؤال ينبغي الالتفات إلى ثلاث نقاط :
الاولى : يجب عدم تطبيق المقاييس والمعايير المادية والنفسية السائدة في هذا العالم على ذلك العالم ، فلعل هذه الحالة النفسية الموجودة فينا وهي سرعة التعب والضجر واللامبالاة في هذا العالم قد تكون على العكس تماماً هناك ، فكلما تكررت المشاهدة ازداد الشوق وتضاعفت الرغبة ، ومع تزايد التكرار تزداد اللذة ، فيكون التكرار مدعاة لمضاعفة اللذّة المعنوية والمادية.
فما هو الدافع الذي يجعلنا نتصور أنّ الوضع النفسي للإنسان في هذا المجال واحد هنا وهناك؟
الثانية : توجد في هذا العالم أيضاً نِعمٌ لا يملّها الإنسان ولا يشبع منها ، فنحن كلما تنفسنا هواءً طلقاً جديداً ومليئاً بالاوكسجين ، لا نملّه ولا نضجر منه ، بل نلتذ به ويثير فينا البهجة والارتياح ، وكذلك الماء هذا المشروب البسيط فلو أننا عمّرنا مئات السنين يبقى شرب