يمكن اعتباره قرينة على استمرارية التغير والتبدّل في الدار الآخرة أيضاً ، وأنّ أصحاب الجنّة كل يوم في شأن بإرادة الله.
وقد اطلق بعض المفسرين عبارة «كل يوم» وأعطاها عمومية أوسع لتشمل أيّام الدنيا والآخرة كليهما معاً (١).
جاء في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إنّ الله خلق جنّة لم ترها عين ولم يطّلع عليها مخلوق ، يفتحها الرب تبارك وتعالى كل صباح فيقول : إزدادي طيباً! إزدادي ريحاً» (٢).
وورد حديث آخر أيضاً عن الإمام الباقر عليهالسلام : «إنَّ أهل الجنّة توضع لهم موائد عليها من سائر ما يشتهون من الأطعمة التي لا ألذّ منها ولا أطيب ، ثم يرفعون عن ذلك إلى غيره» (٣).
تُظهر هذه التعبيرات وبكل وضوح أنْ لا رتابة في الحياة هناك ، بل في كل لحظة نِعم وعطايا جديدة.
نختم حديثنا هذا بإشارة مقتضبة لأحد المفسرين حيث قال : «إنّ الآية تشير إلى تجلّي الحق في كل زمن فرد ونفس فرد على حسب المتجلّى له واستعداده ولا نهاية للتجلّيات» (٤). ولا شك في أنّ هذا الكلام لا يشمل كل مفهوم الآية ، بل يعبّر عن جزءٍ من مفهومها (فتأمل)!؟
٢ ـ أتعرف قيمة اللذة بفقدانها؟
من المعروف أنّ «الفقدان» يبرز أهميّة «الوجدان» وبعبارة أخرى : أنّ النعم الإلهيّة والعطاء الربّاني يُعرف عند زواله ، فلو لم يكن للمرض وجود في العالم لما عرف أحد قيمة الجوهرة الثمينة لنعمة السلامة ، ولولا الخوف لما عرفت قيمة وأهمية نعمة الأمان.
وعلى هذا فالجنّة التي تخلو من الفقدان والخوف والمرض والتعب ، ولا تعرف العوز
__________________
(١). تفسير روح المعاني ، ج ٢٧ ، ص ٩٦.
(٢). بحار الأنوار ، ج ٨ ، ص ١٩٩ ، ح ١٩٨.
(٣). المصدر السابق ، ح ١٩٩.
(٤). تفسير روح البيان ، ج ٩ ، ص ٣٠٠.