ينتهي مصير المستهزئين ـ الذين كان الأنبياء وأولياء الله في صراع معهم ـ إلى جهنّم أو أدنى دركات الجحيم.
* * *
٥ ـ عدم الاستفادة من العقل والعين والأذن
والفريق الآخر الذي يستحق دخول جهنّم هم الذين اغلقوا على أنفسهم أبواب المعرفة ، فعطلوا العقل الذي منحه الله لهم ، وأغمضوا أعينهم ، وسدوا آذانهم حتّى لا يسمعوا صوت الحق ولا يروا وجه الحقيقة الناصع ، ولكي لا يفكّروا بما يوجب الوعي واليقظة ، تقول الآية الكريمة : (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالْانسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّايَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ اعيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّايَسمَعُونَ بِهَا اولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُم اضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ). (الأعراف / ١٧٩)
ومن الواضح أنّ هذا الخلق ليس جبرياً ، وما يقوله بعض انصار مذهب الجبرية مثل «الفخر الرازي» ومايستدّلون به لِاثبات مذهبهم ، عارٍ عن الصحّة تماماً ، وذلك لأنّ جوابه قد ورد ضمن الآية التي يقول تعالى فيها إننا وفّرنا لهم جميع مستلزمات المعرفة (كالعقول لإدراك المعقولات ، والعيون لمشاهدة القضايا المحسوسة ، والآذان لنيل العلوم النقلية) إلّا أنّهم لم يستعملوا تلك المستلزمات ولم يسفيدوا منها (تأمل)؟! ولهذا يقول في وصفهم أنّهم كالحيوانات بل أدنى منها درجة ، وذلك لأنّ الحيوان إنْ قَصُر عن فهم شيء فذلك ليس تقصيراً منه ، بل لعدم امتلاكه لمستلزمات ذلك ، والأضل من الحيوانات هو من يمتلك كل هذه الأسباب والعوامل مع توفّر الظروف اللازمة ولكنه لا يستفيد منها ، والعامل الأساس لكل هذه الامور هو الغفلة التي اشير إليها في ذيل الآية : (اولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ) ، وجاء نظير هذا المعنى في سورة الملك ، ، خلال إجابة أهل النّار عن تساؤلات خزنة النّار وملائكة العذاب : (وَقَالُوا لَو كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَاكُنَّا فِى اصْحَابِ السَّعِيرِ). (الملك / ١٠)
إنَّ علل كل هذا الشقاء الذي يرزح فيه الإنسان وسبب كل هذه المفاسد يكمن في عدم