بِئسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرتَفَقاً). (الكهف / ٢٩)
وهناك تعبير آخر شديد اللهجة أيضاً ورد أيضاً في قوله تعالى : (وَامَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً). (الجن / ١٥)
ويبيّن هذا التعبير أنّ نار جهنّم تستعر في داخل نفوسهم ، وكما كانوا في هذه الدنيا ناراً محرقة للمظلومين ، يتحول كيانهم هناك في عالم تجسيد الأعمال إلى قطعة من نار ، ولا تعبير أبلغ وأفصح من هذا التعبير بشأن القوم الظالمين (١).
* * *
٩ ـ الركون إلى الظالمين
ليس الظلم وحده يؤدّي إلى ورود جهنّم المتوقدة بنار الغضب الإلهي ، بل الركون إلى الظالمين واعانتهم يؤدّي إلى ذلك أيضاً ـ كما صرح بذلك القرآن الكريم ـ وقد جاء في الآية الشريفة : (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَالَكُمْ مِّنْ دُونِ اللهِ مِنْ اوْلِيَاءَ ثُّمَ لَا تُنصَرُونَ). (هود / ١١٣)
كلمة (تركنوا) مشتقة من مصدر (الركون) والذي يعني في رأي أصحاب اللغة الاتكال على الشيء والميل إليه ، وهو مايستلزم اتصافه بالقوة والمقدرة ، لأنّ الإنسان يتوكّل ويعتمد على ما فيه القدرة ، ولذلك تطلق كلمة «الركن» على العمود أو الجدار الذي يُقام عليه البناء أو الأشياء الاخرى (٢).
وتحمل الآية أعلاه عنواناً عاماً يطلق على كل الظلمة ، وتشتمل أيضاً من خلال تعبير (الركون) على أيَّ نوع من أنواع الارتباط والاعتماد على الظالمين ، وتقول إنّ الجميع سيقعون في نهاية المطاف في قبضة العذاب الإلهي ، بل وإنّهم حتّى في هذه الحياة الدنيا لا
__________________
(١). ورد نفس هذا المعنى في سورة سبأ ، ٤٢ ؛ الزخرف ، ٦٥ ؛ آل عمران ، ١٥١ ؛ المائدة ، ١٢٩ ؛ إبراهيم ، ٢٢ ؛ مريم ، ٧٢ ؛ الأعراف ، ٤١ ؛ الأنبياء ، ٢٩ ؛ والشورى ، ٤٥.
(٢). مصباح اللغة ؛ صحاح اللغة ؛ والتحقيق في كلمات القرآن الكريم.