يجنون غالباً سوى الفشل والخسران والشقاء لأنّ الظالم حين يقوى لا تأخذه رأفة ولا رحمة على غيره.
وعلى أيّة حال ، فإذا كان الركن الذي يُعتمد عليه سبباً لمثل هذا الشقاء فمن البديهي ـ ومن باب أولى ـ أن تكون تقوية الظلمة وإعانتهم سبباً لدخول الإنسان النّار ، ولهذا السبب فقد شدّدَ القرآن في النهي ، وبكل صراحة ، عن أي تعاون ومساعدة على الظلم ، وقال : (وَلاتَعاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدوَانِ). (المائدة / ٢)
وقد انذرت الروايات الإسلامية بأشد العذاب والجزاء لمن يكون سبباً في تقوية وتعزيز الظالم بأي شكل من الأشكال ، حتى فيما لو وضع بين يديه القلم أو الدواة لكتابة حكم فيه أي ظلم ، وسنأتي على تبيان ذلك بإذن الله في الموضع المناسب.
* * *
١٠ ـ نسيان الآخرة
تتحدث سورة الجاثية عن هذا الجانب وتقول : (وَقِيلَ اليَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَومِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَالَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ). (الجاثية / ٣٤)
لا شك في أنّ نسيان محكمة العدل الإلهي في يوم القيامة يعتبر مصدر أنواع الذنوب والمعاصي ، والانغماس في مستنقع الظلم والرذيلة والفساد ، وهذه الأعمال تؤدّي إلى أن يعاملهم الله معاملة الناسين ، ولا شك أنّ احاطة الله بكل شيء وعلمه بكل شيء وفي كل زمان تجعل من مفهوم نسيانه أمراً لا معنى له ، لكنه يعامل الناسين معاملة النسيان ، أي أنّه يقطع عنهم بالكامل لطفه ورحمته ، فتنغلق عليهم كل سبل النجاة ، ولا يبقى أمامهم سوى هاوية جهنّم (١).
* * *
__________________
(١) ورد نفس هذا المعنى في سورة ص ، ٢٦ ؛ السجدة ، ١٤.