وعلى أيّة حال ، تحمل هذه الجملة إشارة إلى أنّ قوّة العدو مهما كانت كبيرة فلا ينبغي التراجع أمامها أو الفرار من ساحة المعركة عند المواجهة ، إلّابأمر القائد.
ومن الواضح أَنَّ حرمة الفرار من الزحف يعتبر قانوناً إسلامياً عاماً ، وأمّا قول بعض المفسرين الذين اعتبروه خاصاً بمعركة بدر دون سواها فهو قول لا دليل على صوابه كما اشير إليه في تفسير الميزان (١) ، ولا سيما أنّ هذه الآية قد نزلت بعد معركة بدر (٢). إذن فالفرار من الجهاد من موجبات دخول النّار.
* * *
١٤ ـ قتل الأبرياء
إنّ الإسلام يكن احتراماً كبيراً لدماء الناس إلى درجة اعتبر معها قتل الواحد وكأنّه قتل لجميع الناس : (مَن قَتَلَ نَفساً بِغَيرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً). (المائدة / ٣٢)
واعتبر إراقة دم المؤمن تستحق الغضب الإلهي والعذاب العظيم : (وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَاعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً). (النساء / ٩٣)
وبهذا فقد انذر قاتل المؤمن بأربع عقوبات كبرى وهي : ١ ـ الخلود في جهنّم ، ٢ ـ غضب من الله ، ٣ ـ لعنة من الله ، ٤ ـ العذاب العظيم ، وهذا أقصى ما أظهره الإسلام إزاء احترام دم المؤمن ، لأنّه لا يوجد في القرآن أي موضع يشتمل على مثل هذه العقوبة (٣).
* * *
__________________
(١). تفسير الميزان ، ج ٩ ، ص ٣٧.
(٢). ورد ما يشابه هذا المعنى في بعض جوانبه في الآية ٨١ من سورة التوبة.
(٣) ورد نفس المعنى بصيغة اخرى في الآية ٢١ من سورة آل عمران.