يقول القرآن الكريم : (وَوَيلٌ لِّلمُشْرِكِينَ* الَّذِينَ لَايُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ). (فصلت / ٦ ـ ٧)
اثارت هذه الآية جدلاً واسعاً بين المفسرين ، وطرحوا احتمالات متعددة في تفسيرها وكان الدافع لذلك كونها من فروع الدين فكيف يصبح تركها دلالة على الكفر والشرك؟
يبدو أنّ البعض قد جعل منها معياراً ، فقال : إنّ عدم ايتاء الزكاة حتّى وإن لم يقترن بانكار حكمها يعتبر مؤشراً ذاتياً على الكفر ، وقال البعض الآخر : إنَّ عدم ايتائها لايُعتبر كفراً لوحده ، وإنّما يكون كذلك إذا اقترن بانكارها لأنّ وجوب الزكاة من ضروريات الإسلام ومنكرها كافر.
والنقطة التي تُعيننا على توضيح تفسير الآية هي المكانة الخاصة التي تميّز الزكاة من بين التعاليم الإسلامية ، فأداؤها يعني الاعتراف بالحكومة الإسلامية ومنعها يدل على التمرد ومناهضة الحكومة ، وكما نعلم فإنّ القيام ضد الحكومة الإسلامية موجب للكفر. (١)
وقد سبقت الإشارة إلى الآية ٣٥ من سورة التوبة والتي تتحدث عن اكتناز الذهب والفضة وهي من الآيات الدالّة على أنّ ترك دفع الزكاة من أسباب دخول النّار.
* * *
١٧ ـ أكل مال اليتيم
أكل مال أيِّ شخص كان ، وبلا مجّوز شرعي ، حرام ، لكن هذا الحكم يتأكد أكثر بالنسبة لليتامى ، وذلك لحاجتهم الشديدة من جهة ، وفقدانهم الولي من جهة ثانية ، وعدم إمكانية الدفاع عن أنفسهم من جهة ثالثة ، وهذا مايخرج القضيّة عن وضعها الطبيعي ويعطيها بُعداً استثنائياً.
ولهذا السبب هناك آيات قرآنية كثيرة مليئة بالوعيد والعذاب الشديد لمن يأكل أموال اليتامى ظلماً ، فها هي الآية الشريفة تصرّح : (انَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ اموَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا
__________________
(١). ورد شرح هذه القضية بالتفصيل في التفسير الأمثل ، ذيل الآيات ٦ ـ ٨ من سورة فصلّت.