يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِم نَاراً وَسَيَصْلَونَ سَعِيراً). (النساء / ١٠)
وورد في الروايات عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «شرّ المأكل أكل مال اليتيم ظلماً» (١). ولكن هل أنّ التعبير القرآني في عقوبة آكل مال اليتيم جوراً بأنّه يأكل ناراً ، هو تعبير مجازي؟ قال جماعة من المفسّرين بإمكانية حمله على المعنى الحقيقي لأنّ هذا التعبير يظهر أنّ لأعمالنا صورة باطنية إضافة إلى الصورة الظاهرية ، وأنّ تلك الصورة خافية عنّا في هذا العالم وتظهر في يوم القيامة ، ومسألة تجسد الأعمال نابعة من هذا الموضوع ، وعلى هذا فلا يُستبعد حمل الآية على معناها الحقيقي (فتأمل).
* * *
١٨ ـ أكل الربا
وهذا العمل أيضاً من الأعمال التي وعد القرآن مرتكبيها بعذاب جهنّم حيث يقول : (فَمَنْ جَاءَهُ مَوعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ الَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَاولَئِكَ اصحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). (البقرة / ٢٧٥)
وجاء ما يُشبه هذا المعنى في الآيتين اللتين تهددان كذلك آكلي الربا بعذاب النّار وتصفانه بأنّ له نفس العذاب الذي ينتظر الكافرين : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا اضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفلِحُونَ* وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِى اعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ). (آل عمران / ١٣٠ ـ ١٣١)
فعندما يعلن المرابون العصيان على الله ، أو يعلن هو جلّ شأنه الحرب عليهم فمعنى هذا أنّهم قد تنزّلوا إلى مستوى الكافرين ، وهذا تعبير رهيب في وصف هذه المعصية الكبيرة.
نستشف من بعض الروايات أنّ الربا محّرم في جميع الكتب السماوية وفي جميع شرائع الأنبياء ، كما تنص هذه الرواية التي وردت في فقه الرضا عليهالسلام : «وهو محرم على لسان كل نَبّي وفي كلِّ كِتابٍ» (٢).
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٧٦ ، ص ٢٦٧ ، ح ١.
(٢) فقه الرضا عليهالسلام ، طبقاً لنقل مستدرك الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٣٣١ ، ح ٧.