٢٢ ـ الاسراف والتبذير
الاسراف والتبذير بالمعنى الواسع للكلمة يعتبران من الكبائر أيضاً ، وقد ذكرهما وأكّد عليهما القرآن الكريم بشدّة ، فقال عن الاسراف : (وَانَّ المُسرِفِينَ هُمْ اصْحَابُ النَّارِ). (المؤمن / ٤٣)
ورغم أنّ هذا الكلام قد ورد في سورة المؤمن على لسان مؤمن آل فرعون ، لكن القرآن أطلقه على هذا المجال.
وقال أيضاً عن التبذير : (انَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا اخْوَانَ الشَّيَاطِينَ) (الاسراء / ٢٧)
ومن الواضح أنّ مصير الشياطين واخوانهم ليس سوى الوقوع في بؤرة الغضب الإلهي ـ أي جهنّم ـ.
و «الاسراف» : و (السَرَف) وهي على وزن «الهدف» تعني كما يقول أهل اللغة تجاوز الحد في أي عمل ، وإن كانت تُطلق على الأغلب على تجاوز الحد في صرف الأموال (١).
ولهذا يُطلق القرآن الكريم كلمة المسرفين على المشركين والمجرمين الذين يتجاوزون الحدود الإلهيّة ، وحتّى قتل الناس الأبرياء يُعَدُّ نوعاً من الاسراف.
وكلمة «التبذير» مشتقة من مصدر «البذر» وتعني في الأصل النثر ، وتُطلق عادة على الحالات التي تُنثر فيها الأموال بلا هدف ، أو حين تُصرف هنا وهناك وتكون نتيجتها الاتلاف والتضييع (٢).
ولو فكّرنا في وضع العالم الحالي والتبذير والاسراف السائد فيه والذي لا يقتصر على المواد الغذائية والإمكانات المادّية فحسب ، بل ويتعداه إلى تجاوز الحدود في كل شيء ، لوجدنا أنّه وقبل أن يستحق الآخرة ، جعل من هذه الدنيا جهنّم لاهبة يحترق في نارها الصغير والكبير ولا مغيث لنداءاتهم ، حينذاك سنوقن أنّ عقوبة الاسراف والتبذير يجب أن تكون نار جهنّم.
* * *
__________________
(١) المفردات للراغب ، مادة (سرف).
(٢) التحقيق في كلمات القرآن الكريم ، مادة (بذر).