٢٣ ـ الجرائم والذنوب
توجد في القرآن الكريم أوصاف عامّة وشاملة لأصحاب النّار ومن جملة ذلك الجريمة والذنب ، إذ قال تعالى بشأنهم : (وَنَسُوقُ الُمجْرِمِينَ الَى جَهَنَّمَ وِرْداً). (مريم / ٨٦)
«كلمة «مجرم» مأخوذة من المصدر (جُرْم) على وزن (ظُلْم) والذي يعني أساساً القطع ، لذلك تُطلق الكلمة على عملية قطع الثمار من الأشجار أو قطع الأشجار ذاتها ، ولمّا كان المجرمون يحرمون أنفسهم من السعادة والنجاة بسبب سوء عملهم ، لهذا صدقت عليهم هذه الكلمة.
هل يفهم من هذه الآية أنّ كل ذنب يستلزم دخول النّار ، أم أنّها تخص مجرمين معيّنين؟ إنّ ظاهر الآية يدلّ على الاطلاق ، إلّاأنّه يمكن أن يُستشف من خلال الآيات الاخرى أنّها تخص الجريمة التي يخالطها الكفر ، كما جاء في قوله تعالى : (إِنَّ الُمجْرِمِينَ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ). (الزخرف / ٧٤)
ومن البديهي أنّ الخلود في النّار مقصور على الكفّار لا كل المجرمين ودلّت على هذا قوله تعالى : (يَتَسَاءَلُونَ* عَنِ الُمجْرِمِينَ* مَاسَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ). (المدثر / ٤٠ ـ ٤٢)
فيعدّون لهم في الجواب مجموعة من الذنوب منها التكذيب بيوم الدين وهو ما يساوي الكفر ، وقد ورد نظير هذا المعنى ـ وهو أنّ المقصود منه الجرم المقرون بالكفر ـ في آيات عديدة اخرى (١) ، ويحتمل أيضاً أنّ المراد من المجرمين الوارد في الآية موضع البحث هم المجرمون الذين انغمسوا تماماً في الذنوب وبالشكل الذي يجعلهم لا يستحقّون الشفاعة ولا عفو الله ، فهولاء عامّة يدخلون النّار.
* * *
__________________
(١) وردت في الآيات والسور التالية : الأعراف ، ٤٠ ، ٨٤ ، ١٣٣ ؛ سورة الحجر ، ١٢ ، ٥٨ ، سورة الفرقان ، ٣١ ، النمل ، ٦٩ ، وغيرها ، وتتحدث جميعها عن أقوام من أمثال قوم لوط وقوم فرعون وأعداء الأنبياء ، واستخدمت بشأنهم كلمة «المجرم».