ونرى في الآية الرابعة اسماً وصفة اخرى لهذا المكان الذي يتجسد فيه الغضب الرباني ، وهذا الاسم هو «السعير».
فبعد أن يشير القرآن إلى الغاية من نزوله وينذر الناس من يوم القيامة ، يقسم الناس يومذاك إلى فريقين ويقول : (فَرِيقٌ فِى الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى السَّعِيرِ).
وقد وردت كلمة «سعير» في القرآن ١٦ مرّة وورد جمعها أي كلمة «سُعُر» مرّتين ، وهذه الكلمة مشتقة من المصدر «سَعْر» وهو على وزن «قَعْر» ويعني اذكاء النّار وتأجيجها ، وجاء أيضاً بمعنى شدّة الاضطرام ، ولهذا «فالسعير» يعني النّار الشديدة الاشتعال واللهب والاحراق ، وجاءت أحياناً بمعنى «الجنون» أيضاً لأنّ الشخص في هذه الحالة يلتهب ويغلب عليه الهيجان ، ويقال كذلك للناقة المجنونة : ناقة مسعورة (١).
ونظراً لاستخدام كلمة «السعير» في الآية المذكورة في قبالة كلمة «الجنّة» يفهم بأنّها أيضاً أحد أسماء النّار ، واستخدام تعبير «أصحاب السعير» في عدد من الآيات يعتبر أيضاً قرينة أخرى على هذه التسمية (٢).
إلّا أنّه لايمكن انكار مجيئها في بعض الآيات القرآنية بنفس ذلك المعنى الوصفي لتشير إلى اضطرام نار جهنّم.
* * *
التعبير الخامس الذي تكرر في القرآن في ٢٥ موضعاً ، هو الجحيم ، فتقول الآية المطروحة لبحثنا : (فَامَّا مَنْ طَغَى * وَآثَر الحَيَاةَ الدُّنيَا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِىَ المَأْوَى).
وكلمة «الجحيم» على وزن (لَحْم) كما يفهم من عبارات القرآن هي واحدة من أسماء جهنّم ، ومشتقة من مادة «جَحْم» على وزن (لحْم) التي تعني «شدّة نورية النّار» كما يقول الراغب في مفرداته.
وتأكّد نفس هذا المعنى في «مقاييس اللغة» أيضاً ، لكن صاحب صحاح اللغة فسّره
__________________
(١) مقاييس اللغة ؛ وصحاح اللغة ؛ والتحقيق ؛ ومفردات الراغب.
(٢) الملك ، ١٠ ـ ١١ ؛ فاطر ، ٦.