الْمَبْثُوثِ). (القارعة / ١ ـ ٤)
١٨ ـ (فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ). (الصافات / ١٩)
جمع الآيات وتفسيرها
نفخة الموت ونفخة الحياة!
لقد عبّرت الثمان عشرة آية السالفة الذكر كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ـ عن نفخة الصور تحت ستة عناوين مختلفة ، وقد جمعنا هذه الآيات مع بعضها كي نسلط الأضواء على تفسيرها حتى يتّضح المفهوم الحقيقي لنفخة الصور من خلال المقارنة بينها.
لقد أشارت الآية الاولى إلى نفخة الصور الاولى وكذلك إلى نفخته الثانية وهذه هي الآية الوحيدة التي جمعت كلا النفختين (وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى السَّمواتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ) ويرى صاحب كتاب (مقاييس اللغة) أنّ مادة (صعق) على وزن (صُعْق) يعني الصوت الشديد ، ويرى أنّ الصاعقة مشتقة من نفس المعنى ، وهي سبب الموت والدمار ، وجاءت هذه المادة أيضاً بمعنى الموت .. وذكر صاحب كتاب لسان العرب أنّ المعنى الأول للصعق هو الإغماء ، وشل العقل على أثر سماع الصوت الشديد وذكر بأنّ (الموت) من المعاني الاخرى لهذه الكلمة ، حتى أنّه ذكر قول بعضهم إنّ الموت هو أحد معاني الصاعقة.
على أيّة حال فإنّ مفهوم الصعق في الآية يعني الموت المباغت الذي يعمّ جميع أهل السموات والأرض ، وذكرت الآية الكريمة : (إلَّامَنْ شاءَ اللهُ) فما المقصود من هذه العبارة؟ هناك كلام للمفسرين في هذا الصدد ، قال بعضهم : إنّ هذه العبارة هي إشارة إلى جمع من ملائكة الله الصالحين وهم (جبرائيل ، وميكائيل ، واسرافيل ، وعزرائيل) ، وقال بعض آخر : إنّهم الشهداء ، وقيل : إنّ الآية تشمل أيضاً إضافه إلى الملائكة الأربعة الذين سبق ذكرهم حملة العرش الإلهي ، ومع ذلك فالنتيجة أنّ جميع هؤلاء يذوقون الموت بحكم قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ). (آل عمران / ١٨٥)