واعتبرها بعض المفسرين وأصحاب اللغة إِسماً لعشب شديد المرارة كريه الرائحة له أوراق صغيرة وينمو في أقليم تهامة من شبه جزيرة العرب وكان المشركون يعرفونه جيداً ، وهو عشب عصارته شديدة المرارة وحادّة الطعم إذا لامس الجسم تورَّم (١).
ويعتقد الراغب في «مفرداته» أنّ «الزقوم» تعني كل طعام تشمئز منه النفس وهو طعام أصحاب النّار.
وقال بعض المفسرين : عندما نزلت هذه الكلمة في القرآن قال كفار قريش : «ما نعرف هذه الشجرة ، فقدم عليهم رجل من أفريقيا فسألوه فقال : هو عندنا «الزُّبْد والتمر» ، فقال ابن الزِّبَعرى : أكثر الله في بيوتنا الزقوم. فقال أبو جهل لجاريته : زقّمينا ؛ فأتته بزبد وتمر. ثم قال لأصحابه : تزقّموا ؛ هذا الذي يخوّفنا به محمد ، يزعم أنّ النّار تنبت الشجر والنّار تحرق الشجر» (٢).
وقد أدّى هذا التفسير ببعض أصحاب اللغة والمفسرين إلى اعتبار هذا المعنى هو أحد معاني الزقوم ظناً منهم بجديّة وواقعية التفسير المذكور ، كما نقل عن الجوهري قول في لسان العرب : «الزقّوم اسم طعام لهم فيه تمر وزبد».
أمّا المجموعة الثانية من الآيات فانّها تعطي توضيحاً أكثر لأوصاف «الزقوم» هذا الطعام الكريه المعد لأصحاب النّار ، فتقول : (أَذَلِكَ خَيرٌ نُزُلاً امْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ* انَّهَا شَجَرةٌ تَخْرُجُ فِى اصلِ الجَحِيمِ* طَلْعُهَا كَأنَّهُ رُؤُسُ الشَّيَاطِينِ* فَانَّهُم لَآكِلُونَ مِنهَا فَمَالِئُونَ مِنهَا البُطُونَ).
وأول ما نواجه هنا الاعتراض الذي طرحة أبو جهل وقال مستهزئاً وهل ينمو الشجر في النّار؟ فالنار عدو الشجر فهي تحرقه.
لكن هؤلاء المغرورين الظلمة فاتهم أنّ القوانين المهيمنة على الحياة الاخرى مغايرة تماماً لما هو سائد في هذه الحياة ، فقد ينمو في الجنّة عشب أو شجر ينبثق من قعرها وهو
__________________
(١). تفسير مجمع البيان ؛ وتفسير مروج البيان ؛ وتفسير روح المعاني.
(٢). تفسير القرطبي ، ج ٨ ، ص ٥٥٢٩ ، ذيل الآية ٦٢ من سورة الصافات.