تعني كلمة «الغسل» التي وردت مرّة واحدة في القرآن الكريم : التنظيف بالماء وهي مأخوذة من المصدر «غسل». قال الراغب في «المفردات» : إنّ «الغسلين» هو غسالة أبدان الكفّار ، لكن المعروف بين المفسرين وأصحاب اللغة أنّه دم يشبه الماء يخرج من ابدان أصحاب النّار ، وبما أنّه يشبه الماء الذي يغسل فيه الإنسان لذلك سمّي ب «الغسلين». ولعل الراغب قصد نفس هذا المعنى في مفرداته ، لكن بعضهم اعتبر «الزقوم» و «الغسلين» بمعنى واحد ، وهو ـ كما قلنا ـ نبات كريهُ الطعم والرائحة ومخصص لأهل جهنّم ، لكن المشهور هو المعنى الأول.
* * *
ويواجهنا في الآية الرابعة تعبير آخر بشأن طعام أصحاب النّار وهو اسم «الضريع» وبه أشارت الآية إلى فئة من المجرمين قائلة : (تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً* تُسقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ* لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَريْعٍ* لَّايُسمِنُ وَلَا يُغنِى مِن جُوعٍ).
وقد ذُكرت لكلمة «الضريع» معانٍ وتفاسير مختلفة لكنها متقاربة المعنى ، فقال جماعة إنّه نبات أخضر كريه الرائحة يلفظه البحر (١) ، وقال جماعة آخرون إنّه نبت ذو شوك لاصق بالأرض ، تسميه قريش الشِّبرق إذا كان رطباً ، فاذا يبس فهو الضريع ، لا تقربه دابة ولا ترعاه ، وهو سمٌ قاتل (٢).
وقال بعضهم أيضاً : إنّ الكلمة مأخوذة من المصدر «ضرع» بمعنى الضعف والذّلة وقالوا : «هو طعام يضرعون عنده ويذلون ، ويتضرعون منه إلى الله تعالى ، طلباً للخلاص منه ، فسُمي بذلك ، لأنّ آكله يضرع في أن يُعفى منه ، لكراهته وخشونته» (٣).
ورد في حديث عن الرسول محمد صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «الضريع شيء يكون من النّار يشبه
__________________
(١). العين لاخليل بن أحمد.
(٢). تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٧١١٩.
(٣). المصدر السابق ، ص ٧١٢.