جمع الآيات وتفسيرها
٥ ـ سائر عذابهم الجسدى
رياح مهلكه ، وظلال محرقة :
قَسَّمت الآية الأولى الناس إلى ثلاث فئات وهي : فئة «المقربين» و «أصحاب اليمين» و «أصحاب الشمال». ثم قالت عن أصحاب الشمال (وهم الذين يتسلمون كتبهم بيد بشمائلهم دلالة على سوء عملهم) إنّهم : (فِى سَمُومٍ وَحَمِيمٍ* وَظِلٍّ مِّن يَحمُومٍ* لَّابارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ).
وفي الحقيقة أنّ النّار كالجنّة فيها ماء وهواء ونسيم وظل ، ولكن ياله من نسيم ، فقد سمّاه القرآن بـ «السموم».
«السموم» : مأخوذة عن كلمة (السم) وتعني الهواء اللافح من شدّة حرارته الذي يدخل المسام (الفتحات الدقيقة على جلد الإنسان) ويسبب هلاكه.
(وقد سمّيت كلمة «السَم» بهذا الاسم لأنّها تنفذ إلى جميع دقائق وثغرات الجسم ، لأنّ السَمَّ على قول الراغب يعني أي فتحة دقيقة كفتحة الأبرة وفتحة الأنف والأُذن) (١).
ويوجد لديهم ماء أيضاً إلّاأنّه حار وقاتل ، ولديهم ظل إلّاأنّه من دخان أسود كثيف وحار!
حين يتعرض الإنسان للحرارة الشديدة في هذه الدنيا ، فإمّا أن يجعل نفسه عرضة لمهب النسيم أو يدخل في الماء أو يلتجيءُ إلى الظل ، وهذه الثلاثة كلها حارة وقاتلة هناك على العكس من الجنّة التي تكون أماكنها الواحدة أبرد من الأُخرى وأكثر إثارة للبهجة والارتياح.
* * *
__________________
(١) جاء «قاموس اللغة» إنّ كلمة «السموم» تُطلق على الرياح الحارّة التي تهب في النهار وهي في مقابل «الحرور» وهي الرياح الليلية الحارّة.
جاء الفخر الرازى في تفسيره : إنّ السموم هي الرياح المتعفّنة التي عندما يستنشقها الإنسان يتعفن قلبه فيهلك. (التفسير الكبير ، ج ٢٩ ، ص ١٩٨).