للغيوم «سحاب» لأنّها تنسحب على صفحة السماء على نطاق واسع (١).
ويرى بعضهم أنّ هذه الكلمة تعني السحب على الأرض (٢) وهذا مالا يتّسق والآية موضع بحثنا ، ولا مع بعض مشتقاتها ككلمة السحاب.
واشتقت كلمة «يُسجرون» من المصدر «سَجْر» وهو على وزن (زَجْر) وجاء لها ثلاثة معان في كتاب مقاييس اللغة وهي : المل ، والمزاح ، والاذكاء. لكن بعضهم يُرجع هذه الفروع الثلاثة إلى أصل واحد ويقول : المعنى الأصل لها هو الهيجان والتساقط من شدّة الامتلاء ، ولهذا اطلقت كلمة «مسجور» و «سجير» على النّار المذكاة أو المتّقدة وعلى البحر الطافح الموّاج ، وعلى الصديق الحميم الذي يفيض بالمحبّة والاثارة.
واستناداً إلى ما سبق ذكره ، فهم يُغلّون ويُشدّون بالسلاسل أولاً ومن ثم يدخلون في الماء الحار المحرق ثم في النّار ، ومن الواضح أنّ ادخالهم في النّار بعد الماء الحار سيكون أشدّ ألماً.
وهذا تجسيد لأعمالهم التي كانوا يمارسونها بحق الأبرياء في الدنيا إذ كانوا يذيقونهم أبشع صنوف العذاب ، حيث يصادرون حرّياتهم ويسحبونهم بالسلاسل والأغلال.
نستخلص من مجموع هذه الآيات أنّ عقوبات أهل النّار هي ممّا لا يسع لها الوصف ، ولا يتحملها أشدّ الناس قوّة وجلداً ، إنّها عقوبات أشد ما تكون من القسوة والإيلام.
* * *
توضيح
لماذا يكون العذاب الإلهي شديداً إلى هذا الحد؟
إنّ شدّة وتنوّع وطول مدّة هذه العقوبات تثير هذا التساؤل لدى الكثير من الناس ، وهو كيف ينسجم هذا العذاب الأليم مع اللطف الربّاني ، هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ، كيف
__________________
(١). مقاييس اللغة ؛ ومصباح اللغة ؛ ومفردات الراغب.
(٢). التحقيق في كلمات القرآن الكريم ؛ وتفسير الميزان في ختام الآية موضع البحث.